الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ ومكروا } اى الذين علم عيسى كفركهم من اليهود بان وكلوا به من يقتله غلية وهو ان يخدعه فيذهب به الى موضع فاذا صار اليه قتله { ومكر الله } بان رفع عيسى عليه السلام والقى شبهه على من قصد اغتياله حتى قتل { والله خير الماكرين } أقواهم مكرا وانفذهم كيدا واقدرهم على ايصال الضرر من حيث لا يحتسب - روى - ان ملك بنى اسرائيل لما قصد قتله عليه السلام امره ان يدخل بيتا فيه روزنة فرفعه جبريل عليه السلام من تلك الروزنة الى السماء وكساه الله الريش والبسه النور وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وطار مع الملائكة حول العرش وكان انسيا سماويا ارضيا ثم قال الملك لرجل خبيث منهم ادخل عليه فاقتله فدخل البيت فالقى الله عز وجل شبهه عليه السلام عليه فخرج يخبرهم انه ليس فى البيت فقتلوه وصلبوه ثم قالوا وجهه يشبه وجه عيسى وبدنه يشبه بدن صاحبنا فان كان هذا عيسى فاين صاحبنا وان كان صاحبنا فاين عيسى فوقع بينهم مقال عظيم ولما صلب المصلوب جاءت مريم ومعها امرأة أبرأها الله من الجنون بدعاء عيسى وجعلتا تبكيان على المصلوب فأنزل الله عيسى عليه السلام فجاءهما فقال على من تبكيان قالتا عليك فقال ان الله رفعنى ولم يصبنى الا خير وان هذا شىء شبه لهم فلما كان بعد سبعة ايام قال الله لعيسى اهبط الى المجدلانية على موضع فى جبلها فانه لم يبك عليك احد بكاءها ولم يحزن احد حزنها ثم استجمع الحواريين فبثهم اى فاجعلهم متفرقين فى الارض دعاة الى الله فاهبطه الله عليها فاشتعل الجبل حين هبط نورا فجمعت له الحواريين فبثهم فى الارض دعاة ثم رفعه الله اليه وتلك الليلة هى الليلة التى تدخن فيها النصارى فلما اصبح الحواريون حدث كل واحد منهم بلغة من ارسله عيسى اليهم فذلك قوله { ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين } والمكر من المخلوقين الخبث والخديعة والحيلة والمكر من الله استدراج العبد واخذه بغته من حيث لا يعلم فيا ايهاالعبد خف من وجود احسان مولاك اليك ودوام اساءتك معه فى دوام الطفه بك وعطفه عليك ان يكون استدراجاً حتى تقف معها وتغتر بها وتفرح لما اوتيت فتؤخذ بغتة قال الله تعالىسنستدرجهم من حيث لا يعلمون } الأعراف 182. قال سهل رضى الله عنه فى معنى هذه الآية نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها فاذا ركنوا الى النعمة وحجبوا عن المنعم اخذوا. وقال ابو العباس ابن عطاء يعنى كلما احدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة وانسيناهم الاستغفار من تلك الخطيئة ومن جهل المريد بنفسه وبحق ربه ان يسيىء الادب باظهار دعوى او توريط فى بلوى فتؤخر العقوبة عنه امهالاً له فيظنه اهمالاً فيقول لو كان هذا سوء ادب لقطع الامداد واوجب الابعاد اعتبار بالظاهر من الامر من غير تعريج على ما وراء ذلك وما ذاك الا لفقد نور بصيرته او ضعف نورها والا فقد يقطع المدد عنه من حيث لا يشعر حتى ربما ظن انه متوفر فى عين تقصير ولو لم يكن من قطع المدد الا منع المزيد لكان قطعا لان من لم يكن فى زيادة فهو فى نقصان قال عليه السلام

السابقالتالي
2