الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ مِنْ أَنَبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ }

{ ذلك } اى ما ذكرنا فى القصص من حديث حنة ومريم وعيسى وزكريا ويحيى { من أنباء الغيب } اى من اخبار الغيب التى لا يوقف عليها الا بمشاهدة او قراءة كتاب او تعلم من عالم او بوحى من عند الله تعالى وانعدمت الثلاثة الاول فتعينت الرابعة وهو الوحى { نوحيه اليك } اى ننزله عليك دلالة على صحة نبوتك والزاما على من يحاجونك من الكفار. والوحى فى القرآن لمعان للارسال الى الانبياء قال تعالىنوحى اليهم } النحل 43. وللالهام قال تعالىوأوحينا إلى أم موسى } القصص 7. ولالقاء المعنى المراد قال تعالىبان ربك اوحى لها } الزلزلة 5. وللاشارة قال تعالىفأوحى إليهم أن سبحوه بكرة وعشيا } مريم 11. واصل ذلك كله الاعلام فى خفاء { وما كنت لديهم } اى عند الذين اختلفوا وتنازعوا فى تربية مريم وهو تقرير لكونه وحيا على طريقة التهكم بمنكريه اى انهم عالمون لا يشكون انك لم تقرأ كتابا ولم تصحب من علم تلك الانباء حتى تسمع منهم فلم يبق الا المشاهدة وهى منتفية بالضرورة فكأنهم ادعوا هذا المحال لكونه يلزم من إنكارهم الوحى اى ان لم يكن بالوحى كما زعموا فلا بد من دعوى المشاهدة ولم تمكن. قال ابن الشيخ فى حواشيه كأنه قيل ايها المنكرون لان اوحى اليه والمتهمون فى دعوى نبوته ليس لكم فى سبب الاتهام سوى احتمال المشاهدة والعيان وانه غاية السفاهة ونهاية الخذلان ومن اضل ممن عدل عن الاحتمال الثالث بالمعجزات الساطعة والبراهين القاطعة الى احتمال لا يذهب اليه وهم أحد وأي حالة ادعى الى الضحك والاستهزاء والسخرية من حال هؤلاء انتهى { اذ يلقون اقلامهم } التى كانوا يكتبون بها التوراة اختاروها للقرعة تبركا بها { ايهم يكفل مريم } متعلق بمحذوف دل عليه يلقون اقلامهم اى يلقونها ينظرون او ليعلموا ايهم يكفلها { وما كنت لديهم اذ يختصمون } اى فى شأنها تنافسا فى كفالتها وقد ذكر فيما سبق. فى الآية دلالة على فضيلة مريم حيث اصطفاها الله على نساء العالمين فان جميع ما ذكر من التربية الجسمانية الائقة بحال صغرها والتربية الروحانية المتعلقة بحال كبرها لم يتفق لغيرها من الاناث. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سيدة نساء العالمين مريم ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية ". حديث حسن يوافق الآية في الدلالة على ان مريم افضل من جميع نساء العالمين وعن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون ". وهو يدل على ان هؤلاء الاربع افضل من سائر النساء.

السابقالتالي
2