الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ }

{ فنادته الملائكة } اى جبرائيل وحكم الواحد من الجنس قد ينسب الى الجنس نفسه نحو فلان يركب الخيل وانما يركب واحدا من افرادها ولما كان جبرائيل رئيسهم عبر عنه باسم الجماعة تعظيما له { وهو } حال من مفعول النداء اى والحال ان زكريا عليه السلام { قائم يصلى فى المحراب } اى فى المسجد او فى غرفة مريم { ان الله } مفعول ثان لنادته اى بان الله تعالى { يبشرك بيحيى } اى بولد اسمه يحى لانه حى به رحم امه ولانه تحى به المجالس من وعظة والتقدير بولادة ولد اسمه يحى فان التبشير لا يتعلق بالأعيان { مصدقا بكلمة من الله } اى بعيسى عليه السلام. وانما سمى كلمة لانه وجد بكلمة كن من غير اب فشابه البديعيات التى هى عالم الامر وهو اول من آمن بعيسى وصدق بانه كلمة من الله وروح منه ويسمى روحا ايضا لانه تعالى احيى به من الضلالة كما يحيى الانسان بالروح. قال السدى لقيت ام يحيى ام عيسى فقالت يا مريم اشعرت بحبلى فقالت مريم وانا ايضا حبلى قالت فانى وجدت ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك فذلك قوله تعالى { مصدقا } الخ وكان يحيى اكبر من عيسى بستة اشهر ثم قتل يحيى قبل ان رفع عيسى الى السماء { وسيدا } عطف على مصدقا اى رئيسا يسود قومه ويفوقهم فى الشرف وكان فائقا للناس قاطبة فانه لم يلم بخطيئة ولم يهم بمعصية فيالها ما اسناها { وحصورا } اى مبالغا فى حصر النفس وحبسها عن الشهوات مع القدرة - روى - انه مر فى صباه بصبيان فدعوه الى اللعب فقال ما للعب خلقت. والحصور الممتنع من النساء مع القدرة عليهن وقد تزوج مع ذلك ليكون اغض لبصره { ونبيا } اى يوحى اليه اذا بلغ هو مبلغه { من الصالحين } اى ناشئا منهم لانه كان من اصلاب الانبياء عليهم السلام. والصلاح صفة تنتظم الخير كله والمراد به هنا ما فوق الصلاح الذى لابد منه فى منصب النبوة البتة من اقاصى مراتبه.