الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

{ فتقبلها } اى اخذ مريم ورضى بها فى النذر مكان الذكر { ربها } مالكها ومبلغها الى كمالها اللائق { بقبول حسن } بوجه حسن يقبل به النذائر وهو قبول تلك الانثى مع انوثتها وصغرها فان المعتاد فى تلك الشريعة ان لا يجوز التحرير الا فى حق غلام عاقل قادر على خدمة المسجد وهنا لما علم تعالى تضرع حنة قبل بنته حال صغرها وعدم قدرتها على خدمة المسجد { وانبتها نباتا حسنا } مجاز عن التربية الحسنة العائدة عليها مما يصلح فى جميع احوالها ثم ان الله تعالى ذكر قبولها منها وذلك لضعفها وصدق نيتها فى الابتداء وحيائها فى الانتهاء وكان فى ذلك الزمان اربعة آلاف محرر لم يشتهر خبر احد منهم اشتهار خبرها. وفيه تنبيه للبعد على ان يرى من نفسه التقصير بعد جهدها ليقبل الله عملها لاظهار افلاسها واضمار اخلاصها رزقنا الله واياكم
طريقت همينست كاهل يقين نكو كار بودند وتقصير بين   
واعلم انه سبحانه قطع السائرين له وهم المريدون والواصلين اليه وهم المرادون عن رؤية اعمالهم وشهود احوالهم. اما السائرون فلأنهم لم يتحققوا الصدق مع الله فيها فانقطعوا اليه برؤية تقصيرهم. واما الواصلون فلأنه غيبهم شهوده عنها لانه الفعال وهو آلة مسخرة. ولما دخل الواسطى نيسابور سأل اصحاب الشيخ ابى عثمان المغربى بم يأمركم شيخكم قالوا كان يأمرنا بالتزام الطاعة ورؤية التقصير فيها فقال امركم بالمجوسية المحضة هلا آمركم بالغيبة عنها بشهود منشئها ومجريها. قال القشيرى وانما اراد الواسطى صيانتهم عن محل الاعجاب لا تعريجا فى اوطان التقصير او تجويزا للاخلال بادب من الآداب. قال النهر جورى من علامة من تولاه الله فى اعماله ان يشهد التقصير فى اخلاصه والغفلة فى اذكاره والنقصان فى صدقه والفتور فى مجاهدته وقلة المراعاة فى فقره فتكون جميع احواله عنده غير مرضية ويزداد فقرا الى الله فى فقرة وسيره حتى يفنى عن كل ما دونه. قال الشيخ ابو العباس رضى الله عنه فى اشارة قوله تعالىيولج الليل فى النهار ويولج النهار فى الليل } لقمان 29. يولج المعصية فى الطاعة ويولج الطاعة فى المعصية يطيع العبد الطاعة فيعجب بها ويعتمد عليها ويستصغر من لم يفعلها ويطلب من الله العوض عليها فهذه حسنة احاطت بها سيئات ويذنب الذنب فيلجأ الى الله فيه ويستصغر نفسه ويستعظم من لم يفعله فهذه سيئة احاطت بها سيئات فايتهما الطاعة وايتهما المعصية فعلى السالك ان يجتهد فى الطاعات ولا يغتر بالعبادات لعله يصل الى غاية فى روضات الجنات
جه زرها بخاك سيه در كنند كه باشد كه روزى مسى زركنند   
يعنى ان المشتغلين بتحصيل صنعة الكيمياء يجعلون دنانير كثيرة تحت التراب اى يبذلونها لتحصيلها ويفرقونها فى اسبابها كى يصير النحاس فى ايديهم ذهبا بحتا ويتشرفوا بوصولها

السابقالتالي
2 3 4