الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

{ قل ان تخفوا ما فى صدوركم } من الضمائر التى من جملتها ولاية الكفرة { او تبدوه } فيما بينكم { يعلمه الله } فيؤاخذكم بذلك عند مصيركم اليه { ويعلم ما فى السموات وما فى الارض } لا يخفى عليه منه شيء قط فلا يخفى عليه سركم وعلنكم وهو من باب ايراد العام بعد الخاص تأكيد له وتقريرا { والله على كل شىء قدير } فيقدر على عقوبتكم بما لا مزيد عليه عنه ان لم تنتهوا عما نهيتم عنه وهذا بيان لقوله تعالى { ويحذركم الله نفسه } لان نفسه وهى ذاته المتميزة من سائر الذوات متصفة بعلم ذاتى لا يختص بمعلوم دون المعلوم فهى متعلقة بالمعلومات كلها وبقدرة ذاتية لا تختص بمقدور دون مقدور فهى قاردة على المقدورات كلها فكان حقها ان تحذر وتتقى فلا يجسر احد على قبيح ولا يقصر عن واجب فان ذلك مطلع عليه لا محالة ولاحق به العذاب ولو علم بعض عبيد السلطان انه اراد الاطلاع على احواله مما يورد ويصدر ونصب عليه عيونا وبث من يتجسس عن بواطن اموره لاخذ حذره وتيقظ فى امره واتقى كل ما يتوقع فيه الاسترابة به فما بال من علم ان الله الذي يعلم السر واخفى مهيمن عليه وهو آمن اللهم انا نعوذبك من اغترارنا بسترك كذا فى الكشاف. فالعاقل يخاف من الله ويكون حبه وبغضه لله يوالى المؤمنين ويعادى الكافرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أربعة من الكبائر لبس الصوف لطلب الدنيا وادعاء محبة الصالحين وترك فعلهم وذم الأغنياء والأخذ منهم ورجل لا يرى الكسب ويأكل من كسب الناس ".
كر آنها كه ميكفتمى كردمى نكو سيرت بارسا بودمى   
والحب فى الله والبغض فى الله باب عظيم واصل من اصول الايمان وخلق سنى والمحبة الصادقة لا تكون الا عند المصافاة فى الباطن وهى مبنية على اتفاق العقيدة والوجهة لان القلوب تتناسب فتتصافى فان لم يكن بينهما التوافق المعنوى واتفق بين اربابها المصالحة والمؤانسة بحسب المماثلة النوعية والالفة النفسية والجنسية و الصورية اعدت الرذائل صاحب الفضائل باستغراق النفس فتشابه وتخالق كما قيل
عن المرء لا تسال وابصر قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدى   
وقال على رضى الله عنه
فلا تصحب اخا الجهل واياك واياه فكم من جاهل اردى حليما حين اخاه يقاس المرء بالمرء اذا ما هو ما شاه وللقلب على القلب دليل حين يلقاه   
واذا كان الرجل مبتلى بصحبة الفجار فى سفره للحج او للغزاء لا يترك الطاعة بصحبتهم ولكن يكره بقلبه ولا يرضى به فلعل الفاسق يتوب ببركة كراهة قلبه - حكى - ان حاتما وشقيقا خرجا فى سفر فصحبهما شيخ فاسق وكان يضرب بالمعزف فى الطريق وارادوا ان يتفرقوا قال لهما ذلك الشيخ الفاسق لم أر أثقل منكما قد طربت بين ايديكما كل الطرف فلم تنظرا الى طربى فقال له حاتم يا شيخ اعذرنا فان هذا شقيق وانا حاتم فتاب الرجل وكسر ذلك المعزف وجعل يتلمذ عندهما ويخدمهما فقال شقسق لحاتم كيف رأيت صبر الرجال

السابقالتالي
2