الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

{ وان من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله } نزلت فى عبد الله بن سلام واصحابه وقيل فى اربعين من نجران واثنين من الحبشة وثمانية من الروم كانوا نصارى فاسلموا وقيل فى اصحمة النجاشى فانه لما مات نعاه جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى اليوم الذى مات فيه فقال صلى الله عليه وسلم لاصحابه " " اخرجوا فصلوا على اخ لكم مات بغير ارضكم " فقالوا من هو قال " النجاشى " فخرج الى البقيع وكشف له الى ارض الحبشة فابصر سرير النجاشى فصلى عليه وكبر اربع تكبيرات واستغفر له فقال المنافقون انظروا الى هذا يصلى على علج نصرانى حبشى لم يره قط وليس على دينه فانزل الله هذه الآية " { وما انزل اليكم } من القرآن { وما انزل اليهم } من الكتابين { خاشعين لله } اى متواضعين له من خوف عذابه ورجاء ثوابه وهو حال من فاعل يؤمن لان من فى معنى الجمع { لا يشترون } لا يأخذون { بآيات الله } المكتوبة فى التوراة والانجيل من نعت النبى عليه السلام { ثمنا قليلا } اى عرضا يسيرا من حطام الدنيا خوفا على الرسالة كفعل من لم يسلم من احبارهم وكبارهم والجملة حال مما قبله { اولئك } اى اهل هذه الصفة { لهم اجرهم } اى المختص بهم الموعود لهم فى قوله تعالىأولئك يؤتون أجرهم مرتين } القصص 54. { عند ربهم } نصب على الحالية من اجرهم والمراد به التشريف { ان الله سريع الحساب } لنفوذ علمه بجميع الاشياء فهو عالم بما يستحقه كل عامل من الاجر من غير حاجة الى تأمل ووعى صدر وكتب يد والمراد ان الاجر الموعود سريع الوصول اليهم فان سرعة الحساب تستدعى سرعة الجزاء. والاشارة فى قوله تعالى { ان الله سريع الحساب } الى ان العلماء المتقين الذين يؤمنون بالواردات والالهامات والكشوف بارباب القلوب والخواطر الرحمانية وهم الحكماء الآلهية يعجل الله فى جزاء اعمالهم بحسب نياتهم لتبليغهم الى مقاماتهم فى القرب قبل وفاتهم ولا يؤجل الى ما بعد وفاتهم فان من كان فى هذه اعمى فهو فى الآخرة اعمى والانسان يموت كما يعيش ويبعث على ما مات عليه وعن ابن عباس رضى الله عنهما " ان جبريل عليه السلام جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام وهو يقول مالى اراك مغموما حزينا قال عليه السلام " يا جبريل طال تفكرى فى امتى يوم القيامة " قال فى امر اهل الكفر ام فى اهل الاسلام فقال " يا جبريل فى امر اهل لا اله الا الله محمد رسول الله " فاخذ بيده حتى اقامه الى مقبرة بنى سلمة ثم ضرب بجناحه الايمن على قبر ميت فقال قم باذن الله فقام رجل مبيض الوجه وهو يقول لا اله الا الله محمد رسول الله فقال جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم ضرب بجناحه الايسر فقال قم باذن الله فخرج رجل مسود الوجه ازرق العينين وهو يقول واحسرتاه واندامتاه فقال له جبريل عد الى مكانك فعاد كما كان ثم قال يا محمد على هذا يبعثون يوم القيامة وعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تموتون كما تعيشون وتبعثون كما تموتون " ".

السابقالتالي
2