الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

{ ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله } الموصول فاعل لا يحسبن والمفعول الاول محذوف لدلالة يبخلون عليه اى ولا يحسبن البخلاء بخلهم { هو } ضمير فصل لا محل له من الاعراب { خيرا لهم } من انفاقهم مفعول ثان للفعل المذكور { بل هو } اى البخل { شر لهم } لاستجلاب العقاب عليهم { سيطوقون ما بخلوا به يوم القيمة } بيان لقوله هو شر لهم اى سيلزمون وبال ما بخلوا به الزام الطوق اذ لا طوق ثمة فيكون من قبيل الاستعارة التمثيلية شبه لزوم وبال البخل واثمه بهم بلزوم طوق نحو الحمامة بها فى عدم زوال كل واحد منهما عن صاحبه فعبر عن لزوم الوبال بهم بالتطويق واشتق منه يطوقون كما يقال منة فلان طوق فى رقبة فلان وقيل هو على حقيقته وانهم يطوقون حية او طوقا من نار استدلالا بالحديث وسيجيئ { ولله } وحده لا لاحد غيره استقالا واشتراكا { ميراث السموات والارض } اى ما يتوارثه اهلهما من مال وغيره من الرسالات التى يتوارثها اهل السموات فما لهم يبخلون عليه بملكه ولا ينفقونه فى سبيله او انه يورث منهم ما يمسكونه ولا ينفقونه فى سبيله تعالى عند هلاكهم وتبقى عليهم الحسرة والندامة { والله بما تعملون } من المنع والاعطاء { خبير } فيجازيكم على ذلك. واعلم ان البخل عبارة عن امتناع اداء الواجب والامتناع عن التطرع لا يكون بخلا ولذلك قرن به الوعيد والذم والواجب كثير كالانفاق على النفس والاقارب الذين يلزمه مؤونتهم والصدقة على الغير حال المخمصة وفى حال الجهاد عند الاحتياج الى التقوية بالمال. ثم ان فى الآية اشارة الى ان البخل اكسير الشقاوة كما ان السخاء اكسير السعادة وذلك لان الله تعالى سمى المال فضله كما قال { من فضله } والفضل لاهل السعادة فباكسير البخل يصير الفضل قهرا والسعادة شقاوة كما قال { هو خيرا لهم بل هو شر لهم } يعنى باكسير البخل يجعلون خيرية ما آتاهم الله من فضله شرا لهم ولو انهم طرحوا على ما هو فضله اكسير السخاء لجعلوه خيرا لهم فصيروه سعادة ولصاروا بها اهل الجنة ولن يلج الجنة الشحيح ثم عبر عن آفة حب الدنيا والمال بالطوق لانها تحيط بالقلب ومنها تنشأ معظم الصفات الذميمة مثل البخل والحرص والحسد والحقد والعداوة والكبر والغضب وغير ذلك ولهذا قال النبى عليه السلام " حب الدنيا رأس كل خطيئة ". فبمنع الزكاة يصير الروح الشريف العلوى النورانى محفوفا بهذه الصفات الخسيسة السفلية الظلمانية مطوقا بآفاتها وحجبها وعذابها يوم القيامة وبعد المفارقة فانه من مات فقد قامت قيامته
نه منعم بمال از كسى بهترست خررا جل اطلس بيوشد خرست هنر بايد وفضل ودين وكمال كه كه آيد و كه رود جاه ومال بسنديده رأيى كه بخشيد وخورد جهان ازبى خويشتن كرد كرد   

السابقالتالي
2 3