الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

{ شهد الله انه } بانه { لا اله الا هو } نزلت حين " جاء رجلان من احبار الشام فقالا للنبى عليه السلام انت محمد قال " نعم " فقالا انت احمد قال " انا محمد واحمد " قالا اخبرنا عن اعظم الشهادة فى كتاب الله فاخبرهما " اى اثبت الله بالحجة القطيعة واعلم بمصنوعاته الدالة على توحيده انه واحد لا شريك له فى خلقه الاشياء اذ لا يقدر احد ان ينشىء شيأ منها. قال ابن عباس خلق الله تعالى الارواح قبل الاجساد باربعة آلاف سنة وخلق الارزاق قبل الارواح باربعة آلاف سنة فشهد لنفسه قبل خلق الخلق حين كان ولم يكن سماء ولا ارض ولا بر ولا بحر فقال { شهد الله } الآية { والملائكة } عطف على الاسم الجليل بحمل الشهادة على معنى مجازى شامل للاقرار والايمان بطريق عموم المجاز اى اقرت الملائكة بذلك. لما عاينت من عظم قدرته { وأولوا العلم } اى آمنوا به واحتجوا عليه بالادلة التكوينية والتشريعية وهم الانبياء والمؤمنون الذين علموا توحيده وأقروا به اعتقاداً صحيحاً فشبه دلالته على وحدانيته بافعاله الخاصة التى لا يقدر عليها غيره تعالى وإقرار الملائكة واولى العلم بذلك بشهادة الشاهد فى البيان والكف { قائما بالقسط } نصب على الحال المؤكدة من هو دون من ذكر معه لأ من اللبس اذ القيام بالقسط من الصفات الخاصة به تعالى ومثله جاء زيد وهند راكبا جاز لا جل التذكير ولو قلت جاء زيد وعمرو راكبا للبس اى مقيما بالعدل فى قسمة الارزاق والآجال والاثابة والمعاقبة وما يأمر به عباده وينهاهم عنه من العدل والتسوية فيما بينهم ودفع الظلم عنهم { لا اله الا هو العزيز الحكيم } كرر المشهود له لتأكيد التوحيد ليوحدوه ولا يشركوا به شيأ لانه ينتقم ممن لا يوحده بما لا يقدر على مثله منتقم ويحكم ما يريد على جميع خلقه لا معقب لحكمه لغلبته عليهم { ان الدين عند الله الاسلام } جملة مستانفة مؤكدة للاولى اى لا الدين مرضيا لله تعالى سوى الاسلام الذى هو التوحيد والتشرع بالشريعة الشريفة وهو الدين الحق منذ بعث الله آدم عليه السلام وما سواه من الاديان فكلها باطلة. قال شيخنا العلامة فى بعض تحريراته المقصود من انزال الكلام مطلق الدعوة الى الدين الحق والدين من زمن آدم الى نبينا عليهما الصلاة والسلام الاسلام كما قال تعالى { ان الدين عند الله الاسلام } وحقيقة دين الاسلام التوحيد وصورته الشرائع التى هى الشروط وهذا الدين من ذلك الزمان الى يوم القيامة واحد بحسب الحقيقة وسواء بين الكل ومختلف بحسب الصورة والشروط وهذا الاختلاف الصورى لا ينافى الاتحاد الاصلى والوحدة الحقيقة انتهى.

السابقالتالي
2 3