الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ }

{ ولا يحسبن الذين كفروا } الموصول مع صلته فاعل لا يحسبن { انما } بما فى حيزها سادة مسد مفعوليه لتمام المقصود بها وهو تعلق الفعل القلبى بالنسبة بين المبتدأ والخبر وما مصدرية او موصولة حذف عائدها وكان حقها فى قياس علم الخط ان تكتب مفصولة ولكنها وقعت فى مصحف عثمان رضى الله تعالى متصلة فلا يخالف وتتبع سنة الامام فى خط المصاحف { نملى لهم } الاملاء الامهال واطالة المدة والملى مقصورا الدهر والملوان الليل والنهار لتعاقبهما اى ان املاءنا لهم او ان ما نمليه لهم { خير لانفسهم } من منعهم عن اراداتهم ومعنى التفضيل باعتبار زعمهم { انما } كافة حقها الاتصال { نملى لهم ليزدادوا اثما } اللام لام الارادة عند اهل السنة القائلين بانه تعالى فاعل الخير والشر مريد لهما فان الاملاء الذى هو اطالة العمر لا شك انه من افعاله تعالى وانه ليس بخير لهم لانهم يتوسلون به الى ازدياد الاثم والطغيان فهو تعالى لما امهلهم واطال عمرهم بارادته واكتسبوا بذلك مآثم من الكفر والطغيان كان خالقا لتلك المآثم ايضا ولا تخلق الا بالارادة فهو مريد لها كما انه مريد لاسبابها المؤدية اليها وليست لام العلة لان افعاله تعالى ليست معللة بالاغراض وعند المعتزلة لام العاقبة { ولهم عذاب مهين } اى يهانون به فى الآخرة قال عليه السلام " خير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله ". ودلت الآية على ان اطالة عمر الكافر والفاسق وايصاله الى مراداته فى الدنيا ليس بخير بل هى نعمة فى الصورة ونقمة فى الحقيقة ألا يرى ان من اطعم انسانا خبيصا مسموما لا يعد ذلك نعمة عند الحقيقة لافضائه الى الهلاك والعقوبة فينبغى للعبد ان لا يغتر بطول العمر وامتداده ولا بكثرة امواله ولا اولاده
غره مشو بآن كه جهانت عزيز كرد اى بس عزيز راكه جهان كردزودخوار مارست اين جهان وجها نجوى ماركير وزماركير مار برآرد كهى دمار   
قال الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج " ان من نعمى على امتك انى قصرت اعمارهم كيلا تكثر ذنوبهم واقللت اموالهم كيلا يشتد فى القيامة حسابهم واخرت زمانهم كيلا يطول فى القبور حبسهم ". وقال ايضا " يا احمد لا تتزين بلين اللباس وطيب الطعام ولين الوطاء فان النفس مأوى كل شر وهى رفيق سوء كلما تجرها الى طاعة تجرك الى معصية وتخالفك فى الطاعة وتطيع لك فى المعصية وتطغى اذا شبعت وتتكبر اذا استغنت وتنسى اذا ذكرت وتغفل اذا امنت وهى قرينة للشيطان ". وقيل مثل النفس كمثل النعامة تأكل الكثير واذا حملت عليها لا تطير واذا قيل انت طائر قالت انا بعير وهذه رجلى واذا حملت عليها شيأ قالت انا طائر وهذا جناحى فكثرة المال وكمال الاستغناء تغر النفس قال تعالى

السابقالتالي
2