الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ }

{ فبما رحمة من الله لنت لهم } ما مزيدة للتأكيد اى فبرحمة عظيمة لهم كائنة من الله تعالى وهى ربطه على جأشه وتخصيصه بمكارم الاخلاق كنت لين الجانب لهم وعاملتهم بالرفق والتلطف بعدما كان منهم ما كان من مخالفة امرك واسلامك للعدو { ولو } لم تكن كذلك بل { كنت فظا } جافيا فى المعاشرة قولا وفعلا { غليظ القلب } قاسيه غير رقيق. فالفظ سيىء الخلق وغليظ القلب هو الذى لا يتأثر قلبه من شىء فقد لا يكون الانسان سيىء الخلق ولا يؤذى احدا ولكنه لا يرق لهم ولا يرحمهم فظهر الفرق بينهما { لانفضوا من حولك } اى لتفرقوا من عندك ولم يسكنوا اليك وتردوا فى مهاوى الردى { فاعف عنهم } فيما يتعلق بحقوقك كما عفا الله عنهم { واستغفر لهم } فيما يتعلق بحقوقه تعالى اتماما للشفقة عليهم واكمالا للبرّ بهم { وشاورهم فى الامر } اى ستخرج آراءهم واعلم ما عندهم فى امر الحرب اذ هو المعهود او فيه وفى امثاله مما تجرى فيه المشاورة عادة استظهارا بآرائهم وتطييبا لقلوبهم ورفعا لاقدارهم وتمهيدا لسنة المشاورة للامة { فاذا عزمت } اى عقيب المشاورة على شىء واطمأنت به نفسك { فتوكل على الله } فى امضاء امرك على ما هو ارشد واصلح فان ما هو اصلح لك لا يعلمه الا الله لا انت ولا من تشاور { ان الله يحب المتوكلين } عليه تعالى فينصرهم ويرشدهم الى ما فيه خير لهم وصلاح والتوكل تفويض الامر الى الله والاعتماد على كفايته. قال الامام دلت الآية على انه ليس التوكل ان يهمل الانسان نفسه كما يقوله بعض الجهال والا لكان الامر بالمشاورة منافيا للامر بالتوكل بل التوكل هو ان يراعى الانسان الاسباب الظاهرة ولكن لا يعول بقلبه عليها بل يعول على عصمة الحكمة. واعلم ان الله تعالى بين ان اصحاب النبى عليه الصلاة والسلام يتفرقون عنه لو كان فظا غليظا مع ان اتباعه دين وفراقه كفر فكيف يتوقع من يعامل الناس على خشونة اللفظ مع قسوة القلب ان ينقاد الناس كلهم له ويتابعوه ويطاوعوه فاللين فى القول انفذ فى القلوب واسرع الى الاجابة وادعى الى الطاعة ولذلك امر الله موسى وهارون به فقالفقولا له قولا لينا } طه 44.
بنرمى زد شمن توان كند بوست جو بادوست سختى كنى دشمن اوست جو سندان كسى سخت رويى نبرد كه خايسك تأديب بر سر نخورد   
قال الامام فى تفسيره اللين والرفق انما يجوز اذا لم يفض الى اهمال حق من حقوق الله فاما اذا ادى الى ذلك لم يجز قال الله تعالىيا أيها النبى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم } التوبة 73. وقال للمؤمنين فى اقامة حد الزنى

السابقالتالي
2