الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ }

{ قد كان لكم } جواب قسم محذوف وهو من تمام القول المأمور به اى والله قد كان لكم ايها اليهود المغتربون بعددهم وعددهم { آية } عظيمة دالة على صدق ما اقول لكم انكم ستغلبون { فى فئتين } اى جماعتين فان المغلوبة منهما كانت مدلة بكثرتها معجبة بعزتها وقد لقيها ما لقيها فسيصيبكم ما يصيبكم { التقتا } اى تلاقيا بالقتال يوم بدر { فئة } خبر مبتدا محذوف اى احدهما فئة { تقاتل } تجاهد { فى سبيل الله } وهم لا كثرة فيهم ولا شوكة وهم اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم { واخرى } اى وفئة اخرى { كافرة } بالله ورسوله { يرونهم } اى ترى الفئة الاخيرة الكافرة الفئة الاولى المؤمنة والجملة صفة للفئة الاخيرة { مثليهم } اى مثلى عدد الرائين قريبا من الف كانوا تسعمائة وخمسين مقاتلا راسهم عتبة من ربيعة بن عبد شمس وفيهم ابو سفيان وابو جهل وكان فيهم من الخيل والابل مائة فرس وسبعمائة بعير ومن اصناف الاسلحة عدد لا يحصى. وعن سعد بن اوس انه قال اسر المشركون رجلا من المسلمين فسالوه كم كنتم قال ثلاثمائة وبضعة عشر قالوا ما كنا نراكم الا تضعفون علينا أو مثل عدد المرئيين اى ستمائة ونيفا وعشرين حيث كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا سبعة وسبعون رجلا من المهاجرين ومائتان وستة وثلاثون من الانصار رضى الله عنهم وكان صاحب راية النبى صلى الله عليه وسلم والمهاجرين على بن ابى طالب رضى الله تعالى عنه وصاحب راية الانصار سعد بن عبادة الخزرجى رضى الله عنه وكان فى العسكر تسعون بعيرا وفرسان احدهما للمقداد بن عمرو والآخر لمرثد بن بى مرثد وست ادرع وثمانية سيوف وجميع من استشهد يومئذ من المسلمين اربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الانصار اراهم الله عز وجل كذلك مع قلتهم ليهابوهم ويتجنبوا عن قتالهم مددا لهم منه سبحانه كما امدهم بالملائكة عليهم السلام. فان قلت فهذا مناقض لقوله فى سورة الانفالويقللكم فى أعينهم } الأنفال 44. قلت قللهم اولا فى اعينهم حتى اجترأوا عليهم فلما لاقوهم كثروا فى اعينهم حتى غلبوا فكان التقليل والتكثير فى حالين مختلفين وتقليلهم تارة وتكثيرهم اخرى ابلغ فى القدرة واظهار الآية { رأى العين } نصب على المصدر يعنى رؤية ظاهرة مكشوفة لالبس فيها معاينة كسائر المعاينات { والله يؤيد } اى يقوى { بنصره من يشاء } اى يريد من غير توسيط الاسباب العادية كما ايد الفئة المقاتلة في سبيله بما ذكر من النصر وهو من تمام القول المأمور به { ان فى ذلك } اشارة الى ما ذكر من رؤية القليل كثيرا المستتبعة لغلبة القليل العديم العدة على الكثير الشاكى السلاح { لعبرة } من العبور كالجلسة من الجلوس والمراد بها الاتعاظ فانه نوع من العبور اى لعبرة عظيمة كائنة { لاولى الابصار } لذوى العقول والبصائر.

السابقالتالي
2