الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَآءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ }

{ يا ايها الذين آمنوا } نزلت فى قوم من المؤمنين كانوا يواصلون المنافقين فنهاهم الله عن ذلك بقوله { لا تتخذوا بطانة } بطانة الرجل صاحب وليجته من يعرف اسراره ثقة به شبه ببطانة الثوب التى تلى بطنه كما شبه بالشعار قال عليه السلام " الانصار شعار والناس دثار ". { من دونكم } اى من دون المسلمين متعلق بلا تتخذوا { لا يألونكم خبالا } يقال ألا فى الامر اذا قصر فيه ثم استعمل معدى الى مفعولين فى قولهم لا آلوك نصحا على تضمين معنى المنع اى لا امنعك نصحا والخبال الفساد اى لا يقصرون لكم فى الفساد بالمكر والخديعة ولا يتركون جهدهم فيما يورثكم الشر { ودوا ما عنتم } اى تمنوا عنتكم اى مشقتكم وشدة ضرركم فى دينكم ودنياكم والفرق بين الجملة الاولى وبين هذه ان معناهما انهم لا يقصرون ضررا فى امور دينكم ودنياكم فان عجزوا عن ذلك فحب ذلك وتمنيه غير زائل من قلوبهم { قد بدت البغضاء من افواههم } البغضاء شدة البغض اى قد ظهرت علامة العداوة فى كلامهم الخارج من افواههم لما انهم لا يتمالكون مع مبالغتهم فى ضبط انفسهم وتحاملهم عليها ان ينفلت من ألسنتهم ما يعلم به بغضهم للمسلمين { وما تخفى صدورهم اكبر } مما بدا لان بدوه ليس عن روية واختيار { قد بينا لكم الآيات } الدالة على وجوب الاخلاص فى الدين وموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين { ان كنتم تعقلون } ما بينا لكم فتعملون به والظاهر ان الجمل من قوله لا يألونكم الى هنا تكون مستأنفات على وجه التعليل للنهى عن اتخاذهم بطانة.