الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ }

{ ولتكن منكم } اى لتوجد منكم { امة يدعون الى الخير } جماعة داعية الى الخير اى الى ما فيه صلاح دينى ودنيوى فالدعاء الى الخير عام فى التكليف من الافعال والتروك ثم عطف عليه الخاص ايذانا بفضله فقال { ويأمرون بالمعروف } وهو ما استحسنه الشرع والعقل وهو الموافقة { وينهون عن المنكر } وهو ما استقبحه الشرع والعقل وهو المخالفة { واولئك } الموصوفون بتلك الصفات الكاملة والافراد فى كاف الخطاب لان المخاطب كل من يصلح للخطاب { هم المفلحون } اى هم الاخصاء بكمال الفلاح. وهم ضمير فصل يفيد اختصاص المسند بالمسند اليه ثم ان من فى قوله منكم للتبعيض وتوجيه الخطاب الى الكل مع اسناد الدعوة الى البعض لتحقيق معنى فرضيتها على الكفاية وانها واجبة على الكل لكن بحيث ان اقامها البعض سقطت عن الباقين ولو اخل بها الكل اثموا جميعا لا بحيث يتحتم على الكل اقامتها ولانها من عظائم الامور وعزائمها التى لا يتولاها الا العلماء باحكامه تعالى ومراتب الاحتساب وكيفية اقامتها فان الجاهل ربما نهى عن معروف وامر بمنكر وربما عرف الحكم فى مذهبه وجهله فى مذهب صاحبه فنهاه عن منكر وقد يغلظ فى موضع اللين ويلين فى موضع الغلظة وينكر على من لا يزيده انكاره الا تماديا او على من الانكار عليه عبث كالانكار على اصحاب المآصر والجلادين واضرابهم. وقيل من للتبيين وكان ناقصة اى كونوا امة يدعون الآية ولا يقتضى ذلك كون الدعوة فرض عين فان الجهاد من فروض الكفاية مع ثبوته بالخطاب للعامة. " عن النبى عليه السلام انه سئل وهو على المنبر من خير الناس قال آمرهم بالمعروف وانهاهم عن المنكر واتقاهم لله واوصلهم للرحم ". وقال عليه السلام " من امر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله فى ارضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه ". وعن حذيفة يأتى على الناس زمان يكون فيهم جيفة الحمار احب اليهم من مؤمن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. وعن سفيان الثورى اذا كان الرجل محبا فى جيرانه محمودا عند اخوانه فاعلم انه مداهن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل المداهن فى حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم فى اسفلها وصار بعضهم فى اعلاها فكان الذى فى اسفلها يمر بالماء على الذين فى اعلاها فتأذوا به فأخذ فاسا فجعل ينقر اسفل السفينة فأتوه فقالوا مالك قال تأذيتم بى ولا بد لى من الماء فان اخذوا على يديه انجوه وانجوا انفسهم وان تركوه اهلكوه واهلكوا انفسهم ". قال صلى الله عليه وسلم " ان الناس اذا رأوا منكرا فلم يغيروه يوشك ان يعمهم الله بعذابه ".

السابقالتالي
2 3