الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }

{ واعتصموا بحبل الله } اى بدين الاسلام او بكتابه فلفظ الحبل مستعار لاحد هذين المعنيين فان كل واحد منهما يشبه الحبل فى كونه سببا للنجاة من الردى والوصول الى المطلوب فان من سلك طريقا صعبا يخاف ان تزلق رجله فيه فاذا تمسك بحبل مشدود الطرفين بجانبى ذلك الطريق امن من الخوف كذلك طريق السعادة الابدية ومرضاة الرب طريق زلق ودواعى الضلال عنها متكثرة زلق رجل اكثر الخلق فيها. فمن اعتصم بالقرآن العظيم وبقوانين الشرع القويم وبينات الرب الكريم فقد هدى الى صراط مستقيم وامن من الغواية المؤدية الى نار الجحيم كما يأمن المتمسك بالحبل من العذاب الاليم { جميعا } حال من فاعل اعتصموا اى مجتمعين فى الاعتصام { ولا تفرقوا } اى لا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم كأهل الكتاب { واذكروا نعمة الله عليكم } متعلق بنعمة { اذ كنتم } ظرف له اى اذكروا انعامه عليكم وقت كونكم { اعداء } فى الجاهلية بينكم الاحن والعداوة والحروب المتواصلة. وقيل هم الاوس والخزرج كانوا اخوين لاب وام فوقعت بين اولادهما العداوة والبغضاء وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة { فالف بين قلوبكم } بتوفيقكم للاسلام { فاصبحتم } اى فصرتم { بنعمته } التى هى ذلك التألف { اخوانا } خبر اصبحتم اى اخوانا متحابين مجتمعين على الاخوة فى الله متراحمين متناصحين متفقين على كلمة الحق { وكنتم على شفا حفرة من النار } شفا الحفرة وشفتها حرفها وجانبها اى كنتم مشرفين على الوقوع فى نار جهنم لكفركم اذ لو ادرككم الموت على تلك الحالة لوقعتم فيها تمثيل لحياتهم التى تتوقع بعد الوقوع فى النار بالقعود على حرفها مشرفين على الوقوع فيها { فانقذكم } اى خلصكم ونجاكم بان هداكم للاسلام { منها } اى الحفرة { كذلك } اشارة الى مصدر الفعل الذى بعده اى مثل ذلك التبيين الواضح { يبين الله لكم آياته } اى دلائله { لعلكم تهتدون } طلبا لثباتكم على الهدى وازديادكم فيه. والاشارة ان اهل الاعتصام طائفتان. احداهما اهل الصورة وهم المتعلقون بالاسباب لان مشربهم الاعمال. والثانية اهل المعنى وهم المنقطعون عن الاسباب لان مشربهم الاحوال فقال تعالى لهمواعتصموا بالله هو مولاكم } الحج 78. اى مقصودكم. وقال للمتعلقين بالاسباب { واعتصموا بحبل الله جميعا } وهو كل سبب يتوسل به الى الله فالمعتصم بحبل الله هو المتقرب الى الله باعمال البر ووسائط القربة واذا وجد الاعتصام وجد عدم التفرق بخلاف عدم الاعتصام فانه سبب للتفرق فى الظاهر والباطن. فاما فى الظاهر فيلزم منه مفارقة الجماعة فاقتلوه كائنا من كان. واما فى الباطن فيظهر منه الاهواء المختلفة التى توجب تفرق الامة كما قال عليه السلام " ستفترق امتى اثنتين وسبعين فرقة الناجية منهم واحدة ". قالوا يا رسول الله ومن الفرقة الناجية قال

السابقالتالي
2