الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُواْ لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } * { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

{ فلما جاءهم } اى اهل مكة وكفار العرب { الحق } اى القرآن لقوله فى سورة الرحمنحتى جاءهم الحق ورسول مبين } { من عندنا } اى بامرنا ووحينا كمافى كشف الاسرار. وقال ابن عباس رضى الله عنهما فلما جاءهم محمد. وفيه اشارة الى انه عليه السلام انما بعث بعد وصوله الى مقام العندية واستحقاقه ان يسميه الله الحق وهو اسمه تعالى وتقدس. وفيه اشارة الى كمال فنائه عن انانيته وبقائه بهوية الحق تعالى وله مسلم ان يقول انا الحق وان صدرت هذه الكلمة عن بعض متابعيه فلاغر وان يكون من كمال صفاء مرآة قلبه فى قبول انعكاس انوار ولاية النبوة اذا كانت محاذية لمرآة قلبه عليه السلام وكان منبع ماء هذه الحقيقة قلب محمد عليه السلام ومظهره لسان هذا القائل بتبعيته لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة كذا فى التأويلات النجمية { قالوا } تعنتا واقتراحا قال بعضهم قاله قريش بتعليم اليهود { لولا } هلا { اوتى } محمد { مثل ما اوتى موسى } من الكتاب جملة لامفرقا. قال بعض الكبار احتجبوا بكفرهم عن رؤية كماليته عليه السلام والا لقالوا لولا اوتى موسى مثل مااوتى محمد من الكمالات { أولم يكفروا بما اوتى موسى من قبل } اى أولم يكفروا من قبل هذا بمااوتى موسى من الكتاب كما كفروا بهذا الحق ثم بين كيفية كفرهم فقال { قالوا } هما اى ما اوتى محمد وما اوتى موسى عليهما السلام { سحران تظاهرا } اى تعاونا بتصديق كل واحد منهما الآخر وذلك ان قريشا بعثوا رهطا منه الى رؤساء اليهود فى عيد لهم فسألوهم عن شأنه عليه السلام فقالوا انا نجده فى التوراة بنعته وصفته فلما رجع الرهط واخبروهم بما قالت اليهود قالوا ذلك { وقالوا انا بكل } اى بكل واحد من الكتابين { كافرون } وقال بعضهم المعنى أولم يكفر ابناء جنسهم فى الرأى والمذهب وهم القبط بما اوتى موسى من قبل القرآن قالوا ان موسى وهرون ساحران اى ساحران تظاهرا وقالوا انا بكل كافرون. يقول الفقير انه وان صح اسناد الكفر الى ابناء الجنس من حيث ان ملل الكفر واحدة فى الحقيقة فكفر ملة واحدة بشىء فى حكم الكفر الملل الآخر به كما اسند افعال الآباء الى الابناء من حيث رضاهم بما فعلوا لكن يلزم على هذا ان يخص مااوتى موسى بما عدا الكتاب من الخوارق فان ايتاء الكتاب انما كان بعد اهلاك القبط على ان مقابلة القرآن بما عدا التوراة مع ان مااوتى انما يدل باطلاقه على الكتاب مما لاوجه له فالمعنى الاول هو الذى يستدعيه جزالة النظم الكريم ويدل عليه صريحا قوله تعالى { قل } يامحمد لهؤلاء الكفار الذين يقولون هذا القول { فائتوا } بس بياريد { بكتاب من عند الله هو اهدى } بطريق الحق وبالفارسية رياست ترراه نماينده تر { منهما } اى مما اوتياه من التوراة والقرآن وسميتموهما بسحرين { اتبعه } جوار للامر اى تأتوا به اتبعه ومثل هذا الشرط مما يأتى به من يدل وضوح حجته وسنوح محجته لان الاتيان بما هو اهدى من الكتابين امر بين الاستحالة فيوسع دائرة الكلام للتبكيت والافحام { ان كنتم صادقين } اى فى انهما سحران مختلقان وفى ايراد كلمة ان مع امتناع صدقهم نوع تهكم بهم