الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ }

{ وحرمنا عليه المراضع من قبل } التحريم بمعنى المنع كما فى قوله تعالىفقد حرم الله عليه الجنة } لانه لامعنى للتحريم على صبى غير مكلف اى منعنا موسى ان يرضع من المرضعات ويشرب لبن غير امه بان احدثنا فيه كراهة ثدى النساء والنفار عنها من قبل قص اخته اثره او من قبل ان نرده على امه كما قال فى الجلالين او من قبل مجيىء امه كما قاله ابو الليث او فى القضاء السابق لانا اجرينا القضاء بان نرده الى امه فى كشف الاسرار والمراضع جمع مرضع وهى المرأة التى ترضع اى من شأنها الارضاع وان لم تكن تباشر الارضاع فى حال وصفها به فهى بدون التاء لانه من الصفات الثابتة والمرضعة هى التى فى حالة ارضاع الولد بنفسها ففى الحديث " ليس للصبى خير من لبن امه او ترضعه امرأة صالحة كريمة الاصل فان لبن المرأة الحمقاء يسرى واثر حمقها يظهر يوما " وفى الحديث " الرضاع يغير الطباع " ومن ثمة لما دخل الشيخ ابو محمد الجوينى بيته ووجد ابنه الامام ابا المعالى يرتضع ثدى غير امه اختطفه منه ثم نكس رأسه ومسح بطنه وادخل اصبعه فى فمه ولم يزل يفعل ذلك حتى خرج ذلك اللبن فقال يسهل على موته ولايفسد طبعه بشرب لبن غير امه ثم لما كبر الامام كان اذا حصلت له كبوة فى المناظرة يقول هذه من بقايا تلك الرضعة قالوا العادة جارية ان من ارتضع امرأة فالغالب عليه اخلاقها من خير وشر كما فى المقاصد الحسنة للامام السخاوى { فقالت } اى اخته عند رؤيتها لعدم قبوله الثدى واعتناء فرعون بامره وطلبهم من يقبل ثديها { هل ادلكم } آيا دلالت كنم شمارا { على اهل بيت } بر اهل خانه { يكفلونه لكم } الكفالة الضمان والعيالة يقال كفل به كفالة وهو كفيل اذا تقبل به وضمنه كفله فهو كافل اذا عاله اى يربونه ويقومون بارضاعه لاجلكم { وهم له ناصحون } يبذلون النصح فى امره ولا يقصرون فى ارضاعه وتربيته. والنصح ضد الغش وهو تصفية العمل من شوائب الفساد. وفى المفردات النصح تحرى فعل او قول فيه صلاح صاحبه انتهى ـ روى ـ انهم قالوا لها من يكفل قالت امى قالوا ألامك لبن قالت نعم لبن هارون وكان هارون ولد فى سنة لا يقتل فيها صبى فقالوا صدقت. وفى فتح الرحمن قالت هى امرأة قد قتل ولدها فاحب شىء اليها ان تجد صغيرا ترضعه انتهى. يقول الفقير ان الاول اقرب الى الصواب الا ان يتأول القتل بما فى حكمه من القائه فى النيل وغيبوبته عنها ـ روى ـ ان هامان لما سمعه قال انها لتعرفه واهله خذوها حتى تخبر من له فقالت انما اردت وهم للملك ناصحون يعنى ارجعت الضمير الى الملك لا الى موسى تخلصا من يده فقال هامان دعوها لقد صدقت فامرها فرعون بان تأتى بمن يكفله فاتت بامه وموسى على يد فرعون يبكى وهو يعلله او فى يد آسية فدفعه اليها فلما وجد ريحها استأنس والتقم ثديها

السابقالتالي
2