الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

{ انما امرت ان اعبد رب هذه البلدة الذى حرمها } العبادة غاية التذلل والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه واقامتهم فيه ولاعتبار الاثر قيل بجلده بلدة اى اثر والمراد بالبلدة هنا مكة المعظمة وتخصيصها بالاضافة تشريف لها وتعظيم لشأنها مثل ناقة الله وبيت الله ورجب شهر الله. قال فى التكملة خص البلدة بالذكر وهى مكة وان كان رب البلاد كلها ليعرف المشركون نعمته عليهم ان الذى ينبغى لهم ان يبعدوه هو الذى حرم بلدتهم انتهى قوله الذى نعت لرب والتحريم جعل الشىء حراما ممنوعا منه والتعرض لتحريمه تعالى اياها اجلال لها بعد اجلال ومعناه يحرمها من انتهاك حرمتها بقطع شوكها وشجرها ونباتها وتنفير صيدها وارادة الالحاد فيها بوجه من الوجوه وفى الحديث " ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس " اى كان تحريمها من الله بامر سماوى لامن الناس باجتهاد شرعى واما قوله عليه السلام " ان ابراهيم حرم مكة " فمعناه اظهر الحرمة الثابتة او دعا فحرمها الله حرمة دائمة. ومعنى الآية قل لقومك يا محمد امرت من قبل الله ان اخصه وحده بالعبادة ولا اتخذ له شريكا فاعبدوه انتم ففيه عزكم وشرفكم ولا تتخذوا له شريكا وقد ثبتت عليكم نعمته بتحريم بلدتكم. قال بعضهم العبودية لباس الانبياء والاولياء { وله } اى ولرب هذه البلدة خاصة { كل شىء } خلقا وملكا وتصرفا لايشاركه فى شىء من ذلك احد. وفيه تنبيه على ان افراد مكة بالاضافة للتفخيم مع عموم الربوبية لجميع الموجودات
صنعش كه همه جهان بياراست   
{ وامرت ان اكون من المسلمين } من الثابتين على ملة الاسلام والتوحيد او من الذين اسلموا وجوههم لله خاصة وفى التأويلات النجمية يشير الى ان المسلم الحقيقى من يكون اسلامه فى استعمال الشريعة مثل استعمال النبى عليه السلام الشريعة فى الظاهر وهذا كمال العناية فى حق المسلمين لانه لو قال وامرت ان أكون من المؤمنين لما كان احد يقدر على ان يكون ايمانه كايمان النبى عليه السلام نظيره قوله تعالىوانا اول المسلمين } ولهذا قال عليه السلام " صلوا كما رأيتمونى اصلى " يعنى فى الظاهر ولو قال صلوا كما انا اصلى لما كان احد يقدر على ذلك لانه كان يصلى ولصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء وكان فى صلاته يرى من خلفه كما يرى من امامه