الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ }

{ وترى الجبال } عطف على ينفخ داخل معه فى حكم التذكير اى تراها يومئذ حال كونك { تحسبها جامدة } تظنه ثابتة فى اماكنها من جمد الماء وكل سائل قام وثبت ضد ذاب { وهى } والحال انها تمر مثل مر السحاب التى تسيرها الرياح سيرا سريعا وذلك لان كل شىء عظيم وكل جمع كثير يقصر عنه البصر ولايحيط به لكثرته وعظمته فهو فى حسبان الناظر واقف وهو يسير وهذا ايضا مما يقع بعد النفخة الثانية عند حشر الخلق فان الله تعالى يبدل الارض غير الارض ويغير هيئتها ويسير الجبال عن مقارها على ماذكر من الهيئة الهائلة ليشاهدها اهل المحشر وهى وان اندكت وتصدعت عند النفخة الاولى فتسييرها وتسوية الارض انما يكونان بعد النفخة الثانية كما نطق به قوله تعالىويوم نسير الجبال وترى الارض بارزة وحشرناهم } فان صيغة الماضى فى المعطوف مع كون المعطوف عليه مستقبلا للدلالة على تقدم الحشر على التسيير والرؤية كأنه قيل وحشرنا قبل ذلك. قال جعفر الخلدى حضر الجنيد مجلس سماع مع اصحابه واخوانه فانبسطوا وتحركوا وبقى الجنيد على حاله لم يؤثر فيه فقال له اصحابه ألا تنبسط كما أنبسط اخوانك فقال الجنيد وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب قال بعضهم وكثير من الناس اليوم من اصحاب التمكين ساكنون بنفوسهم سائحون فى الملكوت باسرارهم محققى فرموده كه اوليا نيز درميان خلق برحد رسوم واقفند وخلق آن حركات بواطن ايشان كه بيكدم هزار عالم طى ميكنند خبر ندارند
تومبين اين بايهرا بر زمين زآنكه بردل ميرود عاشق يقين ازره ومنزل زكوتاه ودراز دل جه داند كوست مست دلنواز آن دراز وكوته اوصاف تنست رفتن ارواح ديكر رفتن است دست نى وباى نى سرتا قدم آنجنانكه تاخت جانها از قدم   
قال ابن عطاء الايمان ثابت فى قلب العبد كالجبال الرواسى وانواره تخرق الحجاب الاعلى. وقال جعفر الصادق ترى الانفس جامدة عند خروج الروح والروح تسرى فى القدس لتأوى الى مكانها من تحت العرش { صنع الله } الصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ولا ينسب الى الحيوانات كما ينسب اليها الفعل كما فى المفردات وهو مصدر مؤكد لمضمون ماقبله اى صنع الله ذلك صنعا وفعله على انه عبارة عما ذكر من النفخ فى الصور وماترتب عليه جميعا { الذى اتقن كلى شىء }. قال فى المختار فى تقن صنع الله الذى أتقن اتقان الشىء احكامه. والمعنى احكم خلقه وسواه على ماينبغى وبالفارسية استوار كرد همه جيز هارا وبيارست بروجهى كه شايد. قال فى الارشاد قصد به التنبيه على عظم شان تلك الافاعل وتهويل امرها والايذان بانها ليست بطريق اخلال نظام العالم وافساد احوال الكائنات بالكلية من غير ان تدعو اليها داعية ويكون لها عاقبة بل هى من قبيل بدائع صنع الله المبينة على اساس الحكمة المستتبعة للغايات الجميلة التى لاجلها رتبت مقدمات الخلق ومبادى الابداع على الوجه المتين والمنهج الرصين { انه خبير بما تفعلون } عالم بظواهر افعالكم وبواطنها ايها المكلفون ولذا فعل مافعل من النفخ والبعث ليجازيكم على اعمالكم كما قال { من } هركه ازشما { جاء } بيايد { بالحسنة } بكلمة الشهادة والاخلاص فانها الحسنة المطلقة واحسن الحسنات { فله خير منها } نفع وثواب حاصل من جهتها ولاجلها وهو الجنة فخير اسم من غير تفضيل اذ ليس شىء خيرا من قول لا اله الا الله ويجوز ان يكون صيغة تفضيل ان اريد بالحسنة غير هذه الكلمة من الطاعات فالمعنى اذا فعله من الجزاء ماهو خير منها اذا ثبت له الشريف بالخسيس والباقى بالفانى وعشرة بل سبعمائة بواحد { وهم } اى الذين جاؤا بالحسنات { من فزع } اى عظيم هائل لا يقادر قدره وهو الفزع الحاصل من مشاهدة العذاب بعد تمام المحاسبة وظهور الحسنات والسيآت وهو الذى فى قوله تعالى

السابقالتالي
2