الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ حتى اذا جاؤا } الى موقف السؤال والجواب والمناقشة والحساب وبالفارسية تاجون بيايند بحشركاه { قال } الله تعالى موبخا على التكذيب والالتفات لتربية المهابة { أكذبتم بآياتى ولم تحيطوا بها علما } الواو للحال ونصب علما على التمييز اى أكذبتم بآياتى الناطقة بلقاء يومكم هذا بادى الرأى غير ناظرين فيها نظرا يؤدى الى العلم بكنهها وانها حقيقة بالتصديق حتما { ام ماذا كنتم تعملون } ام أى شىء تعملونه بعد ذلك وبالفارسية جه كار كرديد بعد از آنكه بخدا ورسول ايمان نياورديد يعنى لم يكن لهم عمل غير الجهل والتكذيب والكفر والمعاصى كأنهم لم يخلقوا الا لها مع انهم ماخلقوا الا للعلم والتصديق والايمان والطاعة يخاطبون بذلك تبكيتا فلا يقدرون ان يقولوا فعلنا غير ذلك ثم يكبون فى النار وذلك قوله تعالى { ووقع القول عليهم } اى حل بهم العذاب الذى هو مدلول القول الناطق بحلوله ونزوله { بما ظلموا } بسبب ظلمهم الذى هو التكذيب بآيات الله { فهم لاينطقون } باعتذار لشغلهم بالعذاب او لختم افواههم ثم وعظ كفار مكة واحتج عليهم فقال { ألم يروا } من رؤية القلب وهو العلم والمعنى بالفارسية آيانديد وندانستند منكران حشر { انا جعلنا الليل } بما فيه من الاضلام { ليسكنوا فيه } ليستريحوا فيه بالنوم والقرار { والنهار مبصرا } اى ليبصروا بما فيه من الاضاءة طريق التقلب فى امور المعاش فبولغ فيه حيث جعل الابصار الذى هو حال الناس حالاله ووصفا من اوصافه التى جعل عليها بحيث لاينفك عنها ولم يسلك فى الليل هذا المسلك لما ان تأثير ضلام الليل فى السكون ليس بمثابة تأثير ضوء النهار فى الابصار { ان فى ذلك } اى فى جعلهما كما وصفا { لآيات } عظيمة كثيرة { لقوم يؤمنون } دالة على صحة البعث وصدق الآيات الناطقة به دلالة واضحة كيف لا وان من تأمل فى تعاقب الليل والنهار وشاهد فى الآفاق تبدل ظلمة الليل الحاكية الموت بضياء النهار المضاهى الحياة وعاين فى نفسه تبدل النوم الذى هو اخو الموت بالانتباه الذى هو مثل الحياة قضى بان الساعة آتية لاريب فيها وان الله يبعث من فى القبور قضاء متقنا وجزم بانه قد جعل هذا انموذجا له ودليلا يستدل به على تحققه وان الآيات الناطقة يكون حال الليل والنهار برهانا عليه وسائر الآيات كلها حق نازل من عند الله تعالى. قال حكيم الدهر مقسوم بين حياة ووفاة فالحياة اليقظة والوفاة النوم وقد افلح من ادخل فى حياته من وفاته. وفيه اشارة الى ان النهار وامتداده افضل من الليل وامتداده الا لمن جعل الليل للمناجاة ـ حكى ـ ان محمد من النضر الحارثى ترك النوم قبل موته بسنين الا القيلولة ثم ترك القيلولة.

السابقالتالي
2