{ أم من يبدأ الخلق } اى يوجده اول مرة { ثم يعيده } بعد الموت بالبعث اى يوجده بعد اماتته وام ومن اعرابه كما تقدم. وفى الكواشفى وسألوا عن بدء خلقهم واعادتهم مع انكارهم البعث لتقدم البراهين الدالة على ذلك من انزال الماء وانبات النبات وجفافه ثم عوده مرة ثانية والعقل يحكم بامكان الاعادة بعد الابلاء وهم يعلمون انهم وجدوا بعد ان لم يكونوا فايجادهم بعد ان كانوا ايسر { ومن يرزقكم من السماء والارض } اى باسباب سماوية وارضية { أاله مع الله } يفعل ذلك { قل هاتوا }. قال الحريرى تقول العرب للواحد المذكر هات بكسر التاء وللجمع هاتوا وللمؤنث هاتى ولجماعة الاناث هاتين وللاثنين من المذكر والمؤنث هاتيا دون هاتا من غير ان فرقوا فى الامر لهما كما لم يفرقوا بينهما فى ضمير المثنى فى مثل قولك غلامهما وضربهما ولا فى علامة التثنية التى فى قولك الزيدان والهندان وكان الاصل فى هات آت المأخوذ من آتى اى اعطى فقلبت الهمزة هاء كما قلبت فى ارقت الماء وفى اياك فقيل هرقت وهياك. وفى ملح العرب ان رجلا قال لاعرابى هات فقال والله مااهتيك اى ما اعطيك ومعنى هاتوا بالفارسية بياريد { برهانكم } عقليا او نقليا يدل على ان معه تعالى الها آخر والبرهان اوكد الادلة وهو الذى يقتضى الصدق ابدا { ان كنتم صادقين } اى فى تلك الدعوى ثم بين تعالى تفرده بعلم الغيب تكميلا لما قبله من اختصاصه بالقدرة التامة وتمهيدا لما بعده من امر البعث فقال { قل لا يعلم من فى السموات } من الملائكة { والارض } من الانس والجن { الغيب } وهو ماغاب عن العباد كالساعة ونحوها وسيجيىء بيانه { الا الله } اى لكن الله وحده يعلمه فالاستثناء منقطع والمستثنى مرفوع على انه بدل من كلمة من على اللغة التميمية واما الحجازيون فينصبونه { وما يشعرون } يعنى البشر اى لايعلمون { ايان يبعثون } متى ينشرون من القبور فايان مركبة من أى وآن فأى للاستفهام وآن بمعنى الزمان فلما ركبا وجعلا اسما واحدا بينا على الفتح كبعلبك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان للغيب مراتب غيب هو غيب اهل الارض فى الارض وفى السماء وللانسان امكان تحصيل علمه وهو على نوعين. احدهما ماغاب عنك فى ارض الصورة وسمائها مثل غيبة شخص عنك او غيبة امر من الامور ولك امكان احضار الشخص والاطلاع على الامر الغائب وفى السماء مثل علم النجوم والهيئة ولك امكان تحصيله بالتعلم وان كان غائبا عنك. وثانيهما ماغاب عنك فى ارض المعنى وهو ارض النفس فان فيها مخبئات من الاوصاف والاخلاق مما هو غائب عنك كيفية وكمية ولك امكان الوقوف عليها بطريق المجاهدة والرياضة والذكر و الفكر وسماء المعنى وهو سماء القلب فان فيها مخبئات من العلوم والحكم والمعانى مما هو غائب عنك ولك امكان الوصول اليه بالسير عن مقامات النفس والسلوك فى مقامات القلب وغيب هو غيب اهل الارض فى الارض والسماء ايضا وليس للانسان امكان الوصول اليه الا بارادة الحق تعالى كما قال