الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }

{ الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } استثناء للشعراء المؤمنين الصالحين { وذكروا الله } ذكرا { كثيرا } بل كان اكثر اشعارهم فى التوحيد والثناء عل الله والحث على طاعته الحكمة والموعظة والزهد فى الدنيا والترغيب فى الآخرة او بان لم يشغلهم الشعر عن ذكر الله ولم يجعلوه همهم وعادتهم. قال ابو يزيد قدس سره الذكر الكثير ليس بالعدد لكنه بالحضور { وانتصروا } انتقام كشيدند ازمشركان. قال فى تاج المصادر والانتصار دادبستدن { من بعد ماظلموا } بالهجو لان الكفار بدأوهم بالهجاء يعنى لو وقع منهم فى بعض الاوقات هجو وقع بطريق الانتصار ممن هجاهم من المشركين كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة وغيرهم فانهم كانوا يذبون عن عرض النبى عليه السلام وكان عليه السلام يضع لحسان منبرا فى المسجد فيقوم عليه يهجو من كان يهجو رسول الله قال الكمال الاصفهانى
هجا فكتن ارجه بسنديده نيست مبدا كسى كالت آند ندارد جو آن شاعرى كوهجا كونباشد جوشيرى كه جنكال ودندان ندارد   
وعن كعب بن مالك رضى الله عنه انه عليه السلام قال " اهجهم فوالذى نفسى بيده لهو اشد عليهم من النبل " وفى الحديث " جاهدوا المشركين باموالكم وانفسكم وألسنتكم " اى اسمعوهم مايكرهونه ويشق عليهم سماعه من هجو وكلام غليظ ونحو ذلك. قال الامام السهيلى رحمه الله فهم سبب الاستثناء فلو سماهم باسمائهم الاعلام كان الاستثناء مقصورا عليهم والمدح مخصوصا بهم ولكن ذكرهم بهذه الصفة ليدخل معهم فى هذه الاستثناء كل من اقتدى بهم شاعرا كان او خطيبا وغير ذلك انتهى. قال فى الكواشى لاشك ان الشعر كلام فحسنه كحسنه وقبيحه كقبيحه ولا بأس به اذا كان توحيدا او حثا على مكارم الاخلاق من جهاد وعبادة وحفظ فرج وغض بصر وصلة رحم وشبهه او مدحا للنبى عليه السلام والصالحين بما هو الحق انتهى. وفى التأويلات النجمية لارباب القلوب فى الشعر سلوك على اقدام التفكر بنور الايمان وقوة العمل الصالح وتأييد الذكر الكثير ليصلوا الى اعلى درجات القرب وتؤيدهم الملائكة بدقائق المعانى بل يوفقهم الله لاستجلاب الحقائق ويلهمهم بالفاظ الدقائق فبالالهام يهيمون فى كل واد من المواعظ الحسنة والحكم البالغة وذم الدنيا وتركها وتزيين الآخرة وطلبها وتشويق العباد وتحبيبهم الى الله وتحبيب الله اليهم وشرح المعارف وبيان الموصل والحث على السير والتحذير عن الالفاظ القاطعة للسير وذكر الله وثنائه ومدح النبى عليه السلام والصحابة وهجاء الكفار انتصارا كما قال عليه السلام لحسان " اهج المشركين فان جبريل معك " انتهى. والجمهور على اباحة الشعر ثم المذموم منه مافيه كذب وقبح ومالم يكن كذلك فان غلب على صاحبه بحيث يشغله عن الذكر وتلاوة القرآن فمذموم ولذا قال من قال

السابقالتالي
2