الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً }

{ اولئك } المتصفون بما فصل فى حيز صلة الموصولات الثمانية من حيث اتصافهم به والمستجمون لهذه الخصال وهو مبتدأ خبره قوله تعالى { يجزون الغرفة } الجزاء الغناء والكفاية والجزاء ما فيه الكفاية من المقابلة ان خيرا فخير وان شرا فشر. والغرف رفع الشىء او تناوله يقال غرفت الماء والمرق والغرفة الدرجة العالية من المنازل لكل بناء مرتفع عال اى يثابون اعلى منازل الجنة وهى اسم جنس اريد به الجمع كقوله تعالىوهم فى الغرفات آمنون } ودر فصول عبدالوهاب كوشكهاست برجهار قائمة نهاده از سيم وزر ولؤلؤ ومرجان { بما صبروا } ما مصدرية ولم يقيد الصبر بالمتعلق بل اطلق ليشيع فى كل مصبور عليه. والمعنى بصبرهم على المشاق من مضض الطاعات ورفض الشهوات وتحمل المجاهدات ومن ذلك الصوم قال عليه السلام " الصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان " اى فيكون الصوم ربع الايمان وهو اى الصوم قهر لعدو الله فان وسيلة الشيطان الشهوات وانما تقوى الشهوات بالاكل والشرب ولذلك قال عليه السلام " ان الشيطان ليجرى من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع "
جوع باشد غداى اهل صفا محنت وابتلاى اهل هوا جوع تنوير خانه دل تست اكل تعمير خانه كل تست خانه دل كذا شتى بى نور خانه كل جه ميكنى معمور   
وفى الحديث " ان فى الجنة لغرفا مبنية فى الهواء لاعلاقة من فوقها ولا عماد لها من تحتها لا يأتيها اهلها الا شبه الطير لا ينالها الا اهل البلاء " اى الصابرون منهم. وفى التأويلات النجمية { اولئك يجزون الغرفة } من مقام العندية فى مقعد صدق عند مليك مقتدر { بما صبروا } فى البداية على اداء الاوامر وترك النواهى وفى الوسط على تبديل الاخلاق الذميمة بالاخلاق الحميدة وفى النهاية على افناء الوجود الانسانى فى الوجود الربانى انتهى، والصبر ترك الشكوى من ألم البلوى لغير الله لا الى الله، قال بعض الكبار من ادب العارف بالله تعالى اذا اصابه ألم ان يرجع الى الله تعالى بالشكوى رجوع ايوب عليه السلام ادبا مع الله واظهارا للعجز حتى لا يقاوم القهر الالهى كما يفعله اهل الجهل بالله ويظنون انهم اهل تسليم وتفويض وعدم اعتراف فجمعوا بين جهالتين { ويلقون فيها } اى فى الغرفة من جهة الملائكة { تحية } التلقية جيزى بيش كسى را آوردن يعدى الى المفعول الثانى بالباء وبنفسه كما فى تاج المصادر يقال لقيته كذا وبكذا اذا استقبلته به كما فى المفردات. والمعنى يستقبلون فيها بالتحية { وسلاما } اى وبالسلام تحييهم الملائكة ويدعون لهم بطول الحياة والسلامة من الآفات فان التحية هى الدعاء بالتعمير والسلام هو الدعاء بالسلامة، قال فى المفردات التحية ان يقال حياك الله اى جعل لك حياة وذلك اخبار ثم يجعل دعاء ويقال حيى فلان فلانا تحية اذا قال له ذلك واصل التحية من الحياة ثم جعل كل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول حياة اوسبب حياة اما لدنيا واما لآخرة ومنه التحيات لله والسلام والسلامة التعرى عن الآفات الظاهرة والباطنة وليست السلامة الحقيقة الا فى الجنة لان فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر وعزا بلا ذل وصحة بلا سقم، قال بعضهم الفرق ان السلام سلامة العارفين فى الوصال عن الفرقة التحية روح تجلى حياة الحق الازلى على ارواحهم واشباحهم فيحيون حياة ابدية، وقال بعضهم ويلقون فيها تحية يحيون بها بحياة الله وسلاما يسلمون به من الاستهلاك الكلى كما استحفظ ابراهيم عليه السلام من آفة البرد بالسلام بقوله تعالى

السابقالتالي
2