الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً }

{ والذين لا يشهدون الزور } من الشهادة وهى الاخبار بصحة الشىء عن مشاهدة وعيان. والزور الكذب واصله تمويه الباطل بما يوهم انه حق، وقال الراغب الازور المائل الزور اى الصدر وقيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته وانتصابه على المصدرية والاصل لا يشهدون شهادة الزور باضافة العام الى الخاص فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه. والمعنى لا يقيمون الشهادة الكاذبة وبالفارسية كواهى دروغ ندهند، واختلف الائمة فى عقوبة شاهد الزور، فقال ابو حنيفة رحمه الله لايعزر بل يوقف فى قومه ويقال لهم انه شاهد زور، وقال الثلاثة يعزر ويوقف فى قومه ويعرفون انه شاهد زور، وقال مالك يشهر فى الجوامع والاسواق والمجامع، وقال احمد يطاف به فى المواضع التى يشتهر فيها فيقال انا وجدنا هذا شاهد زور فاجتنبوه، وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه يجلد شاهد الزور اربعين جلدة ويسخم وجهه ويطوف فى الاسواق كما فى كشف الاسرار، قال ابن عطاء رحمه الله هى شهادة اللسان من غير مشاهدة القلب ويجوز ان يكون يشهدون من الشهود وهو الحضور وانتصاب الزور على المفعول به والاصل لا يشهدون مجالس الزور فحذف المضاف واقيم المضاف اليه مقامه. والمعنى لا يحضرون محاضر الكذب ومجالس الفحش فان مشاهدة الباطل مشاركة فيه من حيث انها دليل الرضى به كما اذا جالس شارب الخمر بغير ضرورة فانه شريك فى الاثم، واما الملامية وهم الذين لا يظهرون خيرا ولا يضمرون شرا لانفراد قلوبهم مع الله يمشون فى الاسواق ويتكلمون مع الناس بكلام العامة ويحضرون بعض مواضع الشرور لمشاهدة القضاء والقدر حتى يوافقوا الناس فى الشر فهم فى الحقيقة عباد الرحمن وهم المرادون بقوله عليه السلام " اوليائى تحت قبابى لايعرفهم غيرى " قال الحافظ
مكن بنامه سياهى ملامت من مست كه آكهست كه تقدير برسرش جه نوشت   
وقال الخجندى
برخيز كمال از سر ناموس كه رندان كردند اقامت بسر كوى ملامت   
وقال بعضهم المراد بالزور اعياد المشركين واليهود والنصارى يابازيكاه ايشان كما فى تفسير الكاشفى، قال فى ترجمة الفتوحات نبايد كه اهل ذمت ترابشرك خود فريب دهندكه نزد حق تعالى هلاك تو در آنست شيخ اكبر قدس سره الاطهر ميفر مايد كه دردمشق اين معنى مشاهده كردم كه زنان ومردان بانصارى مسامحت ميكنند وصغار واطفال خودرا بكنايس مى برند واز آب معموديه برسبيل تبرك برايشان مى افشا نند واينها قرين كفراست ياخود نفس كفراست وآنرا هيج مسلمانى نبسندد وفى قاضى خان رجل اشترى يوم النيروز شيئا لم يشتره فى غير ذلك اليوم ان اراد به تعظيم ذلك اليوم كما عظمه الكفرة يكون كفرا وان فعل ذلك لاجل الشرب والتنعم يوم النيروز لايكون كفرا انتهى والمراد نيروز النصارى لانيروز العجم كما هو الظاهر من كلامه، وقال بعضهم يدخل فى مجلس الزور اللعب واللهو والكذب والنوح والغناء بالباطل ـ روى ـ عن محمد بن المنكدر قال بلغنى ان الله تعالى يقول يوم القيامة اين الذين كانوا ينزهون انفسهم واسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان ادخلوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة اسمعوا عبادى تحميدى وثنائى وتمجيدى واخبروهم ان لاخوف عليهم ولاهم يحزنون كذا فى كشف الاسرار، ومن سنن الصوم ان يصون الصائم لسانه عن الكذب والغيبة وفضول الكلام والسب النميمة والمزاح والمدح والغناء والشعر والمراد بالغناء التغنى بالباطل وهو الذى يحرك من القلب ماهو مراد الشيطان من الشهوة ومحبة المخلوقين واما يحرك الشوق الى الله فمن التغنى بالحق كما فى الاحياء، واختلف فى القراءة بالالحان فكرهها مالك والجمهور ولخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم ولذا قال فى قاضى خان لا ينبغى ان يقدم فى التراويح " الخوشخوان " بل يقدم " الدرستخوان " فان الامام اذا كان حسن الصوت يشغل عن الخشوع والتدبر والتفكر انتهى، واباحها ابو حنيفة وجماعة من السلف للاحاديث لأن ذلك سبب للرقة واثارة الخشية كما فى فتح القريب، قال فى اصول الحديث اذا جلس الشيخ من اهل الحديث مجلس التحديث يفتتح بعد قراءة قارىء حسن الصوت شيئا من القرآن انتهى وانما استحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها مالم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط فان افرط زاد حرفا او اخفى حرفا فهو حرام كما فى ابكار الافكار قال الشيخ سعدى

السابقالتالي
2 3