الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً }

{ وقالوا } اى المشركون من اشراف قريش كابى جهل وعتبة وامية وعاص وامثالهم وذلك حين اجتماعهم عند ظهر الكعبة { ما } استفهامية بمعنى انكار الوقوع ونفيه مرفوعة على الابتداء خبرها قوله { ل هذا الرسول } وجدت اللام مفصولة عن الهاء فى المصحف واتباعه سنة وفى هذا تصغير لشأنه عليه السلام وتسميته رسولا بطريق الاستهزاء اى أى سبب حصل لهذا الذى يدعى الرسالة حال كونه { يأكل الطعام } كما نأكل والطعام ما يتناول من الغذاء { ويمشى فى الاسواق } لطلب المعاش كمانمشى جمع سوق وهو الموضع الذى يجلب اليه المتاع للبيع ويساق انكروا ان يكون الرسول بصفة البشر يعنى ان صح دعواه فما باله لم يخالف حاله حالنا، قال بعضهم ليس بملك ولا ملك وذلك لان الملائكة لا يأكلون ولا يشربون والملوك لا يتسوفون ولا يبتذلون فعجبوا ان يكون مثلهم فى الحال ولا يمتاز من بينهم بعلو المحل والجلال لعدم بصيرتهم وقصور نظرهم على المحسوسات فان تمييز الرسل عمن عداهم ليس بامور جسمانية وانما هو باحوال نفسانية فالبشرية مركب الصورة والصورة مركب القلب والقلب مركب العقل والعقل مركب الروح والروح مركب المعرفة والمعرفة قوة قدسية صدرت عن كشف عين الحق، قال الكاشفى ندانستندكه نبوت منافى بشريت نيست بلكه مقتضى آنست تاتناسب وتجانس كه سبب افاده واستفاده است بحصول بيوندد
جنس بايد تادر آميزد بهم   
وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الكفار صم بكم عمى فهم لايعقلون لانهم نظروا الى الرسول بنظر الحواس الحيوانية وهم بمعزل من الحواس الروحانية والربانية فما رأوا منه الا مايرى من الحيوان ومارأوه بنظر يرى به النبوة والرسالة ليعرفوه انه ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين فلهذا قال تعالىوتراهم ينظرون اليك وهم لايبصرون } وذلك لانه لهم قلوب لايفقهون بها النبوة والرسالة ولهم أعين لا يبصرون بها الرسول والنبى ولهم آذان لا يسمعون بها القرآن ليعلموا انه معجزة الرسول فيؤمنوا به { لولا } حرف تحضيض بمعنى هلا وبالفارسية جرا { أنزل اليه ملك } اى على هيئته وصورته المباينة لصورة البشر والجن { فيكون } نصب لانه جواب لولا { معه } مع الرسول { نذيرا } معينا له فى الانذار معلوما صدقه بتصديقه.