الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَأْوَٰهُمُ ٱلنَّارُ وَلَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ }

{ لاتحسبن } يا محمد او يامن يصلح للخطاب كائنا من كان { الذين كفروا } مفعول اول للحسبان { معجزين فى الارض } العجز ضد القدرة واعجزت فلانا جعلته عاجزا اى معجزين لله عن ادراكهم واهلاكهم فى قطر من الاقطار بما رحبت وان هربوا منها كل مهرب { ومأواهم النار } عطف على جملة النهى بتأويلها بجملة خبرية اى لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الارض فانهم مدركون ومأواهم النار { ولبئس المصير } جواب لقسم مقدر والمخصوص بالمدح محذوف اى وبالله لبئس المصير والمرجع هى اى النار يقال صار الى كذا اى انتهى اليه ومنه صير الباب لمصيره الذى ينتهى اليه فى تنقله وتحركه، وفى الآية اشارة الى كفران النعمة فان الذين انفقوا النعمة فى المعاصى وغيروا ما بهم من الطاعات مأواهم نار القطيعة، قال على رضى الله عنه اقل ما يلزمكم لله ان لا تستعينوا بنعمه على معاصيه، قال الحسن رحمه الله اذا استوى يوماك فانت ناقص قيل كيف ذاك قال ان الله زادك فى يومك هذا نعما فعليك ان تزداد فيه شكرا وكل ما اوجد لفعل ما فشرفه لتمام وجود ذلك الفعل منه كالفرس للعدو فى الكرّ والفرّ والسيف للعمل والاعضاء خصوصا اللسان للشكر ومتى لم يوجد فيه المعنى الذى لاجله اوجد كان ناقصا فالانسان القاصر فى عباداته كالانسان الناقص فى اعضائه والآته، واعلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا جميع الناس الى الله تعالى والى توحيده وطاعته فاجاب من اجاب وهم اهل السعادة واولهم الصاحبة رضى الله عنهم واعرض من اعرض وهم اهل الشقاوة واقدمهم الكفرة والمنافقون المعاصرون له عليه السلام ولما هربوا من باب الله تعالى بترك اطاعة رسوله واصروا عليه عاقبهم الله تعالى عاجلا ايضا حيث قتلوا فى الوقائع واصيبوا بما لايخطر ببالهم فانظر كيف ادركهم الله تعالى فلم يعجزه كما ادرك الامم السالفة العاصيه نسأل الله تعالى ان يجعلنا فى حصين عصمته ويتغمدنا برحمته ويحرسنا بعين عنايته.