الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ }

{ فى بيوت } متعلق بالفعل المذكور بعده وهو يسبح، قال فى المفردات اصل البيت مأوى الانسان بالليل ثم قد يقال من غير اعتبار الليل فيه وجمعه ابيات وبيوت لكن البيوت بالمسكن اخص والابيات بالشعر ويقع ذلك على المتخذ من حجر ومدر ومن صوف ووبر وبه شبه بيت الشعر وعبر عن مكان الشىء بانه بيته والمراد بالبيوت المساجد كلها لقول ابن عباس رضى الله عنهما المساجد بيوت الله فى الارض تضيء لاهل السماء كما تضيء النجوم فى الارض { اذن الله } الاذن فى الشىء اعلام باجازته والرخصة فيه { ان ترفع } بالبناء او التعظيم ورفع القدر يعنى آنرا رفيع قدر وبزرك مرتبه دانند، قال الامام الراغب الرفع يقال تارة فى الاجسام الموضوعة اذا عليتها عن مقرها نحو قوله تعالىورفعنا فوقكم الطور } وتارة فى البناء اذا طولته نحو قوله تعالىواذ يرفع ابراهيم القواعد من البيت } وتارة فى الذكر اذا نوهته نحو قوله تعالىورفعنا لك ذكرك } وتارة فى المنزلة اذا شرفتها نحو قوله تعالىورفعنا بعضكم فوق بعض درجات } { ويذكر فيها اسمه } اسم الله تعالى ما يصح ان يطلق عليه بالنظر الى ذاته او باعتبار صفة من صفاته السلبية كالقدوس او الثبوتية كالعليم او باعتبار فعل من افعاله كالخالق لكنها توقيفيه عند بعض العلماء وهو عام فى كل ذكر توحيدا كان او تلاوة قرآن او مذاكرة علوم شرعية او اذانا او اقامة او نحوها يعنى در آنجا بذكر ونماز اشتغال بايد نمود وازسخن دنيا وكلام مالا يعنى براحتراز بايد بود وفى الاثر " الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البيهمة الحشيش " { يسبح له فيها } فيها تكرير لقوله فى بيوت للتأكيد والتذكير لما بينهما من الفاصلة وللايذان بان التقديم للاهتمام لا لقصر التسبيح على الوقوع فى البيوت فقط والتسبيح تنزيه الله واصله المرّ السريع فى عبادة الله فان السبح المرّ السريع فى الماء او فى الهواء يستعمل باللام وبدونها ايضا وجعل عاما فى العبادات قولا كان او فعلا او نية اريد به ههنا الصلوات المفروضة كما ينبىء عنه تعيين الاوقات بقوله تعالى { بالغدو والآصال } اى بالغدوات والعشيات فالمراد بالغدو وقت صلاة الفجر المؤداة بالغداة وبالآصال ماعداه من اوقات صلوات الظهر والعصر والعشائين لان الاصيل يجمعها ويشملها كما فى الكواشى وغيره. والغدو مصدر يقال غدا يغدو غدوا اى دخل فى وقت الغدوة وهى ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس والمصدر لا يقع فيه الفعل فاطلق على الوقت حسبما يشعر اقترانه بالآصال جمع اصيل وهو العشى اى من زوال الشمس الى طلوع الفجر.