الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ }

{ الله نور السموات والارض } ، قال الامام الغزالى قدس سره فى شرح الاسم النور هو الظاهر الذى به كل ظهور فان الظاهر فى نفسه المظهر لغيره يسمى نورا ومهما قوبل الوجود بالعدم كان الظهور لا محالة للوجود ولا ظلام اظلم من العدم فالبريى من ظلمة العدم الى ظهور الوجود جدير بان يسمى نورا والوجود نور فائض على الأشياء كلها من نور ذاته فهو نور السموات والارض فكما انه لاذرة من نور الشمس الا وهى دالة على وجود الشمس النيرة فلاذرة من وجود السموات والارض ومابينهما الا وهى بجواز وجودها دالة على وجوب وجود موجدها انتهى ويوافقه النجم فى التأويلات حيث قال { الله نور السموات والارض } اى مظهرهما من العدم الى الوجود فان معنى النور فى اللغة الضياء وهو الذي يبين الاشياء ويظهرها للابصار انتهى فقوله تعالى { الله نور السموات والارض } من باب التشبيه البليغ اى كالنور بالنسبة اليهما من حيث كونه مظهرا لهما اى موجدا فان اصل الظهور وهو الظهور من العدم الى الوجود فان الاعيان الثابتة فى علم الله تعالى خفية فى ظلم العدم وانما تظهر بتأثير قدرة الله تعالى كما فى حواشى ابن الشيخ، يقول الفقير لاحاجة الى اعتبار التشبيه البليغ فان النور من الاسماء الحسنى واطلاقه على الله حقيقى لامجازى فهو بمعنى المنور ههنا فانه تعالى نور الماهيات المعدومة بانوار الوجود واظهرها من كتم العدم بفيض الجود كما قال عليه السلام " ان الله خلق الخلق فى ظلمة ثم رش عليهم من نوره " فخلق ههنا بمعنى التقدير فان التقدير سابق على الايجاد ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات والممكن يوصف بالظلمة فانه يتنور بالوجود فتنويره اظهاره، واعلم ان النور على اربعة اوجه. اولها نور يظهر الاشياء للابصار وهو لا يراها كنور الشمس وامثالها فهو يظهر الاشياء المخفية فى الظلمة ولايراها. وثانيها نور البصر وهو يظهر الاشياء للابصار ولكنه يراها وهذا النور اشرف من الاول. وثالثها نور العقل وهو يظهر الاشياء المعقولة المخفية فى ظلمة الجهر للبصائر وهو يدركها ويراها. ورابعها نور الحق تعالى وهو يظهر الاشياء المعدومة المخفية فى العدم للابصار والبصائر من الملك والملكوت وهو يراها فى الوجود كما كان يراها فى العدم لانها كانت موجودة فى علم الله وان كانت معدومة فى ذواتها فما تغير علم الله ورؤيته باظهارها فى الوجود بل كانت التغير راجعا الى ذوات الاشياء وصفاتها عند الايجاد والتكوين فتحقيق قوله تعالى { الله نور السموات والارض } مظهرهما ومبديهما وموجدهما من العدم بكمال القدرة الازلية
در ظلمت عدم همه بوديم بى خبر نور وجود سر شهود از تو يافتيم   

السابقالتالي
2 3 4 5 6