الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ ولا يأتل } من الائتلاء وهو القسم وبالفارسية سوكند خوردن كما فى تاج المصادر من الالية بمعنى اليمين اى لا يخلف نزل فى شأن الصديق رضى الله عنه حين حلف ان يقطع نفقته عن مسطح ابن خالته لخوضه فى عائشة رضى الله عنها وكان فقيرا بدريا مهاجرا ينفق عليه ابو بكر رضى الله عنه { اولوا الفضل منكم } ذووا الفضل فى الدين والفضل الزيادة { والسعة } فى المال { ان يؤتوا } اى على ان لا يؤتوا شيأ ولا يحسنوا باسقاط الحافض وهو كثير شائع { اولى القربى } ذوى القرابة { والمساكين والمهاجرين فى سبيل الله } صفات لموصوف واحد اى ناسا جامعين لها لان الكلام فيمن كان كذلك لان مسطحا قريب ومسكين ومهاجر جىء بها بطريق العطف تنبيها على ان كلا منها علة مستقلة لاستحقاق الايتاء { وليعفوا } عن ذنبهم { وليصفحوا } اى ليعرضوا عن لومهم، قال الراغب الصفح ترك التثريب وهو ابلغ من العفو وقد يعفو الانسان ولا يصفح { ألا تحبون } آيا دوست نمى داريد { ان يغفر الله لكم } اى بمقابلة عفوكم وصفحكم واحسانكم الى من اساء اليكم { والله غفور رحيم } مبالغ فى المغفرة والرحمة مع كمال قدرته على المؤاخذة وكثرة ذنوب العباد الداعية اليها، وفيه ترغيب عظيم فى العفو ووعد كريم بمقابلته كأنه قيل ألا تحبون ان يغفر الله لكم فهذا من موجباته ـ روى ـ انه عليه السلام قرأ هذه الآية على ابى بكر رضى الله عنه فقال بلى احب ان يغفر الله لى فرد الى مسطح نفقته كفر عن يمينه وقال والله لا انزعها ابدا، وفى معجم الطبرانى الكبير انه اضعف له النفقة التى كان يعطيه اياها قبل القذف اى اعطاه ضعف ما كان يعطيه قبل ذلك. وفى الآية دليل على ان من حلف على امر فرأى الحنث افضل منه فله ان يحنث ويكفر عن يمينه ويكون له ثلاثة اجور احدها ائتماره بامر الله تعالى والثانى اجر بره وذلك فى صلة قرابته والثالث اجر التكفير. ثم فى الآية فوائد، منها ان العلماء استدلوا بها على فضل الصديق رضى الله عنه وشرفه من حيث نهاه مغايبة ونص على فضله وذكره بلفظ الجمع للتعظيم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم لا يفعلوا كيت وكيت والمنكرون يحملون الفضل على فضل المال لكن لا يخفى ان يستفاد من قوله { والسعة } فيلزم التكرير فثبت كونه افضل الخلق بعد رسول الله عليه السلام، قال فى انسان العيون وصف الله تعالى الصديق باولى الفضل موافق لوصفه عليه السلام بذلك فقد " جاء ان عليا كرم الله وجهه دخل على النبى صلى الله عليه وسلم وابو بكر رضى الله عنه جالس عن يمين رسول الله فتنحى ابو بكر عن مكانه واجلس عليا بينه وبين النبى عليه السلام فتهلل وجه النبى فرحا وسرورا وقال " لايعرف الفضل لاهل الفضل الا اولوا الفضل "

السابقالتالي
2