الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ الزانية والزانى } شروع فى تفصيل ما ذكر من الآيات البينات وبيان احكامها والزنى وطىء المرأة من غير عقد شرعى وقد يقصر واذا مد يصح ان يكون مصدر المفاعلة والنسبة اليه زنوى كذا فى المفردات والزانية هى المرأة المطاوعة للزنى الممكنة منه كما ينبىء عنه الصيغة لا المزينة كرها وتقديمها على الزانى لما ان زنى النساء من اماء العرب كان فاشيا فى ذلك الزمان او لانها الاصل فى الفعل لكون الداعية فيها اوفر والشهوة اكثر ولولا تمكينها منه لم يقع ورفعها على الابتداء والخبر قوله { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط اذ اللام بمعنى الموصول والتقدير التى زنت والذى زنى. والجلد ضرب الجلد بالكسر وهو قشر البدن يقال جلده ضرب جلده نحو بطنه وظهره اذا ضرب بطنه وظهره او معنى جلده ضربه بالجلد نحو عصاه اذا ضربه بالعصا ومائة نصب على المصدر والمعنى بالفارسية بس بزنيد اى اهل واحكام هربكى را ازان هردو صد تازيانه وكان هذا عاما فى المحصن وغيره وقد نسخ فى حق المحصن قطعا ويكفينا فى حق الناسخ القطع بانه عليه السلام قد رجم ما عزا وغيره فيكون من باب نسخ الكتاب بالسنة المشهورة فحد المحصن هو الرجم وحد غير المحصن هو الجلد. وشرائط الاحصان فى باب الرجم ست عند ابى حنيفة الاسلام والحرية والعقل والبلوغ والنكاح الصحيح والدخول فلا احصان عند فقد واحدة منها وفى باب القذف الاربع الاول والعفة فمعنى قولهم رجم محصن اى مسلم حر عاقل بالغ متزوج وذو دخول ومعنى قولهم قذف محصنا اى مسلما حرا عاقلا بالغا عفيفا واذا فقدت واحدة منها فلا احصان { ولا تأخذكم بهما رأفة } رحمة ورقة، وفى البحر الرأفة ارق الرحمة وبالفارسية مهربانى كردن وتنكيرها للتقليل اى لا يأخذكم بهما شىء من الرأفة قليل من هذه الحقيقة، وبالفارسية وفرانكيرد شمارا باين روزناكننده مهربانى { فى دين الله } فى طاعته واقامة حده فتعطلوه او تسامحوا فيه بعدم الايجاع ضربا والتكميل حدا وذلك ان المضروب يفعل اثناء الضرب افعالا غريبة ويتضرع ويستغيث ويسترحم وربما يغشى عليه فيرأف به الامام او الضارب او بعض الحاضرين لا سيما اذا كان احب الناس اليه كالولد والاخ مثلا فلا يستوفى حدالله وحقه ولا يكمل جلد مائة بل ينقصه بترك شىء منها او يخفف الضرب فنهاهم الله عن ذلك، وفيه تنبيه على ان الله تعالى اذا اوجب امرا قبح استعمال الرحمة فيه وفى الحديث " يؤتى بوال نقص من حد سوطا فيقال لم نقصت فيقول رحمة لعبادك فيقال له انت ارحم منى انطلقوا به الى النار ويؤتى بمن زاد سوطا فيقال لم زدت فيقول لينتهوا عن معاصيك فيقال له انت احكم منى فيؤمر به الى النار "

السابقالتالي
2 3