الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ }

{ فأوحينا اليه } عند ذلك اى فاعلمناه فى خفاء فان الايحاء والوحى اعلام فى خفاء { ان اصنع الفلك } ان مفسرة لما فى الوحى من معنى القول والصنع اجادة الفعل { باعيننا } ملتبسا بحفظنا نحفظه من ان تخطىء فى صنعته او يفسده عليك مفسد يقال فلان بعينى اى احفظه واراعيه كقولك هو منى بمرأى ومسمع، قال الجنيد قدس سره من عمل على مشاهدة اورثه الله عليها الرضى قال الله تعالىواصنع الفلك باعيننا } ووحينا } وامرنا وتعليمنا لكيفية صنعها ـ روى ـ انه اوحى اليه ان يصعنها على مثال الجؤجؤ. وفى التأويلات النجمية الهمنا الى نوح الروح ان اصنع فلك الشريعة باستصواب نظرنا وامرنا لا بنظر العقل وامر الهوى كما يعمل الفلاسفة والبراهمة { فاذا جاء امرنا } اى اذا اقترب امرنا بالعذاب { وفار التنور } وبجوشد تنور يعنى بوقتى كه زن تونان بزد ازميان آتش آب برآيد كما فى تفسير الفارسى. والفور شدة الغليان ويقال ذلك فى النار نفسها اذا هاجت وفى القدر وفى الغضب وفوارة الماء سميت تشبيها بغليان القدر ويقال الفور الساعة والتنور تنور الخبر ابتداء منه النبوع على خرق العادة وكان فى الكوفة موضع مسجدها كما روى انه قيل له عليه السلام اذا فار الماء من التنور اركب انت ومن معك وكان تنور آدم فصار الى نوح فلما نبع منه الماء اخبرته امرأته فركبوا { فاسلك فيها } اى ادخل فى الفلك يقال سلك فيه اى دخل وسلكه فيه اى ادخله ومنه قوله ماسلككم فى سقر { من كل } من كل امة ونوع { زوجين } فردين مزدوجين { اثنين } تأكيد والمراد الذكر والانثى ودر تيسير كويد در كشتى نياورد مكر آنهاراكه مى زايند بابيضه مى نهند { واهلك } منصوب بفعل معطوف على فاسلك اى واسلك اهلك والمراد به امرأته وبنوه وتأخير الاهل لما فيه من ضرب تفصيل بذكر الاستثناء وغيره { الا من سبق عليه القول منهم } اى القول باهلاك الكفرة ومنهم ابنه كنعان وامه واغلة وانما جيء بعلى لكون السابق ضارا كما جيء باللام فى قولهان الذين سبقت لهم منا الحسنى } لكونه نافعا { ولا تخاطبنى فى الذين ظلموا } بالدعاء وانجائهم { انهم مغرقون } مقضى عليهم بالاغراق لا محالة لظلمهم بالاشراك وسائر المعاصى ومن هذا شأنه لا يشفع له ولا يشفع فيه كيف لا وقد امر بالحمد على النجاة منهم باهلاكهم.