الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَآءَلُونَ }

{ فاذا نفخ فى الصور } لقيام الساعة وهى النفخة الثانية التى عندها البعث والنشور والنفخ نفخ الريح فى الشىء والصور مثل قرن ينفخ فيه فيجعل الله ذلك سببا لعود الارواح الى اجسادها { فلا انساب بينهم } تنفعهم لزوال التراحم والتعاطف من فرط الحيرة واستيلاء الدهشة بحيث يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه او لا انساب يفتخرون بها والنسب القرابة بين اثنين فصاعدا اى اشتراك من جهة احد الابوين وذلك ضربان نسب بالطول كالاشتراك بين الاباء والابناء ونسب بالعرض كالنسب بين الاخوة وبنى الاعمام { يومئذ } كما بينهم اليوم { ولا يتساءلون } اى لا يسأل بعضهم بعضا فلا يقول له من انت ومن أى قبيلة ونسب انت ونحو ذلك لاشتغال كل منهم بنفسه لشدة الهول فلا يتعارفون ولا يتساءلون كما انه اذا عظم الامر فى الدنيا لم يتعرف الوالد لولده ولا يناقضه قوله تعالىفاقبل بعضهم على بعض يتساءلون } لان عدم التساؤل عند ابتداء النفخة الثانية قبل المحاسبة والتساؤل بعد ذلك وايضا يوم القيامة يوم طويل فيه خمسون موطنا كل موطن الف سنة ففى موطن يشتد عليم الهول والفزع بحيث يشغلهم عن التساؤل والتعارف فلا يفطنون لذلك وفى موطن يفيقون افاقة فيتساءلون وتتعارفون، وعن الشعبى قالت عائشة رضى الله عنها يا رسول الله اما نتعارف يوم القيامة اسمع الله يقول { فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } فقال عليه السلام " ثلاثة مواطن تذهل فيها كل نفس حين يرمى الى كل انسان كتابه وعند الموازين وعلى جسر جهنم " قال ابن مسعود رضى الله عنه يؤخذ بيد العبد والامة يوم القيامة فينصب على رؤس الاولين والآخرين ثم ينادى مناد ألا ان هذا فلان ابن فلان فمن كان له عليه حق فليأت الى حقه فيفرح العبد يومئذ ان يثبت له حق على والده وولده او زوجته واخيه فلا انساب بينهم يومئذ، وعن قتادة لاشىء ابغض الى الانسان يوم القيامة من ان يرى من يعرفه ان يثبت له عليه شىء ثم تلايوم يفر المرء من اخيه } الآية، قال محمد بن على الترمذى قدس سره الانساب كلها منقطعة الا من كانت نسبته صحيحة فى عبودية ربه فان تلك نسبة لاتنقطع ابدا وتلك النسبة المفتخر بها لانسبة الاجناس من الآباء والامهات والاولاد، قال الاصمعى كنت اطوف بالكعبة فى ليلة مقمرة فسمعت صوتا حزينا فتبعت الصوت فاذا انا بشاب حسن ظريف تعلق باستار الكعبة وهو يقول نامت العيون وغارت النجوم وانت الملك الحى القيوم وقد غلقت الملوك ابوابها واقامت عليها حرسها وحجابها وبابك مفتوح للسائلين فها انا سائلك ببابك مذنبا فقيرا مسكينا اسيرا جئت انتظر رحمتك يا ارحم الرحمين ثم انشأ يقول

السابقالتالي
2