الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }

{ يا أيها الناس } يا اهل مكة المنكرين للبعث { ان كنتم في ريب من البعث } البعث الاخراج من الارض والتسيير الى الموقف وجيء بان مع كثرة المرتابين لاشتمال المقام على ما يقلع الريب من اصله وتصوير ان المقام لا تصلح الا لمجرد الفرض له كما يفرض المحال ان كنتم في شك من امكان الاعادة وكونها مقدورة له تعالى او من وقوعها { فانا خلقناكم } ليس جزاء للشرط لان خلقهم مقدم على كونهم مرتابين بل هو علة للجزاء المحذوف اي فانظروا الى مبدأ خلقكم ليزول ريبكم اى خلقنا كل فرد منكم خلقا اجماليا { من تراب } فى ضمن خلق آدم منه وفى الحديث " ان الله جعل الارض ذلولا تمشون في مناكبها وخلق بنى آدم من تراب ليذلهم بذلك فابوا الا نخوة و استكبارا ولن يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر " { ثم } خلقناكم خلقا تفصيليا { من نطفة } هى الماء الصافى قل او كثر ويعبر بها عن ماء الرجل من نطف الماء اذا سال اومن النطف وهو الصب { ثم من علقة } قطعة من الدم جامدة مكونة من المنى { ثم من مضغة } اى قطعة من اللحم مكونة من العلق وهى فى الاصل مقدار ما يمضغ { مخلقة } بالجرصفة مضغة اى مستبينة الخلق مصورة { وغير مخلقة } اى لم يستبن خلقها وصورتها بعد والمراد تفصيل حال المضغة وكونها اولا قطعة لم يظهر فيها شىء من الاعضاء ثم ظهر بعد ذلك شىء لكنه آخر غير المخلقة لكونها عدم الملكة كذا في الارشاد. ويؤيده قول حضرة النجم في التأويلات { مخلقة } اى منفوخة فيها الروح { وغير مخلقة } اى صورة لا روح فيها وفى الحديث " ان احدكم يجمع خلقه " اي يحر زويقر مادة خلقه " في بطن امه " اى في رحمها من قبيل ذكر الكل وارادة الجزء " اربعين يوما " ـ روى ـ عن ابن مسعود رضى الله عنه ان النطفة اذا وقعت في الرحم فاراد الله ان يخلق منها تنشر فى بشرة المرأة تحت كل ظفر وشعرة فتمكث اربعين ليلة ثم تنزل دما في الرحم فذاك جمعها " ثم تكون علقة مثل ذلك ثم تكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله اليه الملك فينفخ فيه الروح " وهذا يدل على ان التصوير يكون في الاربعين الثانى لكن المراد تقدير تصويرها لان التصوير قبل المصغة لا يتحقق عادة " ويؤمر باربع كلمات " يعنى يؤمر الملك بكتابه اربع من القضايا وكل قضية سميت كلمة " يكتب رزقه واجله " اي مدة حياته " وعمله وشقى "

السابقالتالي
2 3 4