الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ وذا النون } اى واذكر صاحب النون اى الحوت والمراد يونس ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء المثناة فوق مفتوحة. قيل هو اسم ام يونس كذا فى جامع الاصول. قال عطاء سألت كعبا عن متى أهو اسم ابيه ام امه فقال اسم ابيه وامه بدورة وهى من ولد هارون وسمى يونس بذى النون لانه ابتلعه الحوت. قال الامام السهيلى اضافه هنا الى النون وقد قال فى سورة القلمولا تكن كصاحب الحوت } وذلك انه حين ذكره فى موضع الثناء عليه قال ذو النون فان الاضافة بذو اشرف من الاضافة بصاحب لان قولك ذو يضاف الى التابع وصاحب الى المتبوع تقول ابو هريرة رضى الله عنه صاحب النبى عليه السلام ولا تقول النبى صاحب ابى هريرة الاعلى جهة واما ذو فانك تقول ذو المال وذو العرش فتجد الاسم للاسم متبوعا غير تابع ولفظ النون اشرف من الحوت لوجوده فى حروف التهجى وفى اوائل بعض السور نحون والقلم } اذ ذهب } اى اذكر خبره وقت ذهابه حال كونه { مغاضبا } مراغما لقومه اهل نينوى وهى قرية بالموصل لما مر من طول دعوته اياهم وشدة شكيمتهم وتمادى اصرارهم مهاجرا عنهم قبل ان يؤمر وبناء المفاعلة للدلالة على كمال غضبه والمبالغة فيه وقيل وعدهم بنزول العذاب لاجل معلوم وفارقهم ثم بلغه بعد مضى الاجل انه تعالى لم يعذبهم ولم يعلم سببه وهوانهم حين رأوا امارات العذاب تابوا واخلصوا فى الدعاء فظن انه كذبهم وغضب من اندفاع العذاب عنهم وذهب غضبان وهذا القول انسب بتقرير الشيخ نجم الدين فى تأويلاته وهو من كبار المحققين فكلامه راجح عند اهل اليقينفظن ان لن نقدر عليه } اى لن نضيق عليه الامر يقال قدر على عياله قدرا ضيق وقدرت عليه الشئ ضيقته كأنما جعلته بقدر خلاف ما وصف بغير حساب نزل حاله منزلة من يظن ذلك. وفى التأويلات النجمية يشير الى ان الانسان اذا استولى عليه الغضب يلتبس عليه عقله ويحتجب عنه نور ايمانه حتى يظن بالله ما لا يليق بجلاله وعظمته ولو كان نبيا وان من كمال قوة نبينا عليه السلام انه كان يغضب ولا يقول فى الرضى والغضب الا الحق. وفيه اشارة اخرى وهى ان الله تعالى من كمال فضله وكرمه على عباده وان كانوا عصاة مستوجبين للعذاب ان يعاتب انبياءه لهم ولا يضرى عنهم اشتهاء نزول عذاب الله بقومهم وكراهية دفع العذاب عنهم بل يرضى لهم ان يستغفروا لهم ويستعفوه لدفع العذاب عنهم كما قال لنبينا عليه السلام " فاعف عنهم واستغفر لهم " وقال فى حق الكفار وكان النبى عليه السلام يلعن بعضهم

السابقالتالي
2 3 4