الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ }

{ وعلمناه صنعة لبوس } اى عمل الدروع وبالفارسية ساختن زره والصنع اجادة الفعل فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا والصناعة ككتابة حرفة الصانع وعمل الصنعة واللبوس فى الاصل اللباس درعا كان او غيرها ولبس الثوب استتر به وكان الدروع قبل داود صفائح اى قطع حديد عراضا فحلقها وسردها { لكم } اى لنفعكم متعلق بعلمنا او بمحذوف هو صفة لبوس. والمعجزة فيه ان فعل ذلك من غير استعانة باداة وآلة من نحو الكير والنار والسندان والمطرقة. وكان لقمان يجلس مع داود ويرى ما يصنع ويهمّ ان يسأل عنها لانه لم يرها قبل ذلك فيسكت فلما فرغ داود من الدرع قام وافرغه على نفسه وقال نعم الرداء هذا للحرب فقال لقمان عندها ان من الصمت لحكمة. قالت الحكماء وان كان الكلام فضة فالصمت من ذهب
اكر بسيار دانى اندكى كوى يكى راصد مكوصدار يكى كوى   
{ لتحصنكم } لتحرزكم اى اللبوس بتأويل الدرع ودرع حصينة لكونها حصنا للبدن فتجوّز به فى كل تحرز وهو بدل اشتمال من لكم باعادة الجار لان لتحصنكم فى تأويل لاحصانكم وبين الاحصان وضمير لكم ملابسة الاشتمال مبين لكيفية الاختصاص والمنفعة المستفادة من لكم { من بأسكم } البأس هنا الحرب وان وقع على السوء كله اى من حرب عدوكم وبالفارسية از كارزار شما يعنى ازقتل وجراحت دركار زار بماندند تيغ وتيرو نيزه. وفى الآية دلالة على ان جميع الصنائع بخلق الله وتعليمه وفى الحديث " ان الله خلق كل صانع وصنعه " وفى المثنوى
قابل تعليم وفهمست اين خرد ليك صاحب وحى تعليمش دهد جمله حرفتها يقين ازوحى بود اول اوليك عقل آنرا فزود   
{ فهل انتم شاكرون } ذلك يعنى قد ثبت عليكم النعم الموجبة للشكر حيث سهل عليكم المخرج من الشدائد فاشكروا له. قال الكاشفى يعنى شكر كوييد خدايرا برجنين لباس فهو امر وارد على صورة الاستفهام والخطاب لهذه الامة من اهل مكة ومن بعدهم الى يوم القيامة اخبر الله تعالى ان اول من عمل الدرع داود ثم تعلم الناس فعمت النعمة بها كل محارب من الخلق الى آخر الدهر فلزمهم شكر الله على هذه النعمة. وقال بعضهم الخطاب لداود واهل بيته بتقدير القول اى فقلنا لهم بعدما انعمنا عليهم بهذه النعم بل انتم شاكرون وما اعطى لكم من النعم التى ذكرت من تسخير الجبال له والطير والانة الحديد وعلم صنعة اللبوس. قيل ان داود خرج يوما متفكرا طالبا من يسأله عن سيرته فى مملكته فاستقبل جبريل على صورة آدمى ولم يعرفه داود فقال له كيف ترى سيرة داود فى مملكته فقال له جبريل نعم الرجل هو لولا ان فيه خصلة واحدة قال وما هى قال بلغنى انه يأكل من بيت المال وليس شئ افضل من ان يأكل الرجل من كدّ يده فرجع داود وسأل الله ان يجعل رزقه من كدّ يده فألان له الحديد وكان يتخذ الدرع من الحديد ويبيعها ويأكل من ذلك.

السابقالتالي
2 3