الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ }

{ ففهمناها } اى الحكومة { سليمان } وهو ابن احدى عشرة سنة. وقال الكاشفى درسن سيزده سالكى. قال فى التأويلات النجمية يشير الى رفعة درجة بعض المجتهدين على بعض وان الاعتبار فى الكبر والفضيلة بالعلم وفهم الاحكام والمعانى والاسرار لا بالسن فانه فهم بالاحق والاصوب وهو ابن صغير وداود نبى مرسل كبير. وحكما كفته اند توانكرى بهنرست نه بمال وبزركى بعقلست نه بسال. فى القصص ان بنى اسرائيل حسدوا سليمان على ما اوتى من العلم فى صغر سنه فاوحى الله تعالى الى داود عليه السلام يا داود ان الحكمة تسعون جزأ سبعون منها فى سليمان وعشرون فى بقية الناس { وكلا } { هر يك را زبدر وبسر { آتينا حكما وعلما } كثيرا لا سليمان وحده فحكم كليهما حكم شرعى. قال فى التأويلات النجمية اى حكمة وعلما ليحكم كل واحد منهما موافقا للعلم والحكمة بتأييدنا وان كان مخالفا فى الحكم بحكمتنا ليتحقق صحة امر الاجتهاد وان كل مجتهد مصيب كما قال فى الارشاد وهذا يدل على ان خطأ المجتهد لا يقدح فى كونه مجتهدا - روى - انه دخل على داود عليه السلام رجلان فقال احدهما ان غنم هذا دخلت فى حرثنى ليلا فافسدته فقضى له بالغنم اذ لم يكن بين قيمة الحرث وقيمة الغنم تفاوت فخرجا فمرا على سليمان عليه السلام فاخبراه بذلك فقال غير هذا ارفق بالفريقين فسمعه داود فدعاه فقال له بحق النبوة والابوة ألا اخبرتنى بالذى هو ارفق بالفريقين فقال ارى ان تدفع الغنم الى صاحب الارض لينتفع بدرها ونسلها وصوفها والحرث الى ارباب الغنم ليقوموا عليه اى بالحرث والزرع حتى يعود الى ما كان ويبلغ الحصاد ثم يترادّا فقال القضاء ما قضيت وامضى الحكم بذلك. قال فى الارشاد الذى عندى ان حكمهما كان بالاجتهاد فان قول سليمان غير هذا أرفق بالفريقين ثم قوله ارى ان تدفع الخ صريح فى انه ليس بطريق الوحى والا لبت القول بذلك ولما ناشده داود لاظهار ما عنده بل وجب عليه ان يظهره ابتداء وحرم عليه كتمه ومن ضرورته ان يكون القضاء السابق ايضا كذلك ضرورة استحالة نقض حكم النص بالاجتهاد انتهى والاجتهاد بذل الفقيه الوسع ليحصل له ظن بحكم شرعى وهو جائز للانبياء عند اهل السنة ليدركوا ثواب المجتهدين وليقتدى بهم غيرهم ولذا قال عليه السلام " العلماء ورثة الانبياء " فانه يستلزم ان تكون درجة الاجتهاد ثابتة للانبياء ليرث العلماء عنهم ذلك الا ان الانبياء لا يقرون على خطأ وفى الحديث " اذا حكم الحاكم فاجتهد فاصاب فله اجران واذا حكم واجتهد واخطأ فله اجر " وفى كل حادثة حكم معين عند الله وعليه دليل قطعى او ظنى فمن وجده اصاب ومن فقده اخطأ ولم يأثم.

السابقالتالي
2 3