الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوۤاْ آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * { قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ }

{ قالوا حرقوه } اى قال بعضهم لبعض لما عجزوا عن المحاجة وهكذا ديدن المبطل المحجوج اذا قرعت شبهته بالحجة القاطعة وافتضح لا يبقى له مفزع الا المناصبة واتفقت كلمتهم على احراقه لانه اشد العقوبات. وقال ابن عمر رضى الله عنهما ان الذى اشار باحراقه رجل من اعراب العجم يعنى من الاكراد ولعمرى انهم لفى فسادهم وجفائهم وغلوهم فى تعذيب الناس بعد يقدمون ولا ينفكون عن ذلك ما ترى للاسلام الذى هو دين ابراهيم الخليل عليهم اثرا فى خلق ولا عمل خلقهم نهب اموال المسلمين وعلمهم ظلم وسرقة وقتل وقطع الطريق والله ما هؤلاء باهل الملة الغراء لاكثر الله فى الناس مثل هؤلاء اياك والمصاحبة باصلحهم والمرور ببلادهم { وانصروا آلهتكم } بالانتقام لها { ان كنتم فاعلين } امرا فى اهلاكه يعنى ان الاحراق هو المعتد به فى هذا الباب. وقصته انه لما اجتمع نمرود وقومه لاحراقه عليه السلام حبسوه فى بيت بنوا له حائطا كالحظيرة ارتفاعه ستون ذراعا وذلك فى جنب جبل كونى وهى بالضم قرية بالعراق ثم جمعوا له الحطب الكثير حتى ان الرجل المريض كان يوصى بشراء الحطب والقائه فيها وكانت المرأة لو مرضت قال ان عافانى الله لاجمعن حطبا لابراهيم وكانت تنذر فى بعض ما تطلب لئن اصابته لتحتطبن فى نار ابراهيم وتغزل وتشترى الحطب بغزلها فتلقيه فى ذلك البنيان احتسابا فى دينها. وكانت امرأة عجوز نذرت ان تحمل الحطب الى نار ابراهيم فجعلت حزمة حطب وذهبت بها الى موضع النار فاعترضها ملك فى الطريق وقال اين تذهبين يا عجوز فقالت اريد نار ابراهيم فقال طول الله طريقك وقصر خطاك فاقامت تسير والحطب فوق رأسها وهى جيعانة عطشانة حتى ماتت لعنها الله تعالى قيل جمعوا له اصناف الحطب من انواع الخشب على ظهر الدواب اربعين يوما. قال الكاشفى وروغن فراوان برهيمه ريختند يقال ان جميع الدواب امتنعت من حمل الحطب الا البغال فعاقبها الله ان اعقمها كما فى القصص. وذكر فى فضائل القدس عن سعيد بن عبد العزيز انه قال فى زمن بنى اسرائيل فى بنت المقدس عند عين سلوان وعين سلوان فى القدس الشريف كزمزم فى مكة وكانت المرأة اذا قذفت اتوابها فسقوها من ماء هذه العين فان كانت بريئة لم يضرها وان كانت سقيمة ماتت فلما حملت مريم ام عيسى عليه السلام اتوابها وحملوها على بغلة فعثرت بها فدعت الله تعالى ان يعقم رحمها فعقمت من ذلك اليوم فلما اتتها شربت منها فلم تزد الاخير فدعت الله تعالى ان لا يفضح امرأة مؤمنة فغارت انتهى. ثم اوقدوا الحطب سبعة ايام فلما اشتعلت النار صار الهواء بحيث لو مر الطير فى اقصى الجول لاحترق من شدة وهجها اى شدة حرها - روى - انهم لم يعلموا كيف يلقونه فيها لعدم تأنى القرب منها فجاء ابليس فى صورة شيخ وعلمهم عمل المنجنيق.

السابقالتالي
2 3 4 5