الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ }

{ ما آمنت قبلهم } قبل مشركى مكة { من قرية } اسم للموضع الذى يجتمع فيه الناس اى من اهل قرية وهو فى محل الرفع على الفاعلية ومن مزيدة لتأكيد العموم { اهلكناها } اى باهلاك اهلها لعدم ايمانهم بعد مجيئ ما اقترحوه من الآيات صفة لقرية { أفهم يؤمنون } الهمزة لانكار الوقوع والفاء للعطف على مقدر. والمعنى انه لم تؤمن امة من الامم المهلكة عند اعطاء ما اقترحوه من الآيات اهم لم يؤمنوا فهؤلاء يؤمنون لو اجيبوا الى ما سئلوا واعطوا ما اقترحوا مع كونهم اعتى منهم واطغى كما قال تعالىاكفاركم خير من اولائكم } يعنى ان كفاركم مثل اولئك الكفار المعدودين قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون فهم فى اقتراح تلك الآيات كالباحث عن حتفه بظلفه قال حسان بن ثابت رضى الله عنه
ولا تك كالشاة التى كان حتفها بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا   
واصله ان رجلا وجد شاة واراد ذبحها فلم يظفر بسكين وكانت مربوطة فلم تزل تبحث برجليها حتى ابرزت سكينا كانت مدفونه فذبحها بها يضرب فى مادة تؤدى صاحبها الى التلف وما يورط الرجل فيه نفسه كهذا المستعمق وفيه تنبيه على ان عدم الاتيان بالمقترح للتحرم بهم اذ لو اتى به لم يؤمنوا واستوجبوا عذاب الاستئصال كمن قبلهم وقد سبق وعده تعالى فى حق هذه الامة ان يؤخر عذابهم الى يوم القيامة. قال فى التأويلات النجمية والآية وان نزلت فى منكرى البعث من الكفار فهى نعم اكثر مدعى الاسلام فى زماننا هذا فانه لا يحدث الله فى عالم ربانى من اهل الذكر وهم اهل القرآن الذين هم اهل الله وخاصته سرا من اسرار القرآن وحقيقة من حقائق العلوم اللدنية الا اسمعه اهل العزة بالله وهم يستهزئون به وينكرونه وينكرون عليه لاهية قلوبهم بمتابعة الهوى متعلقة بشهوات الدنيا ساهية عن ذكر الله غافلة عن طلبه وتناجوا فى السر الذين ظلموا انفسهم بالانكار على ان الاسرار يقولون فيه ما يأتيكم به من الكلام المموه وانتم تبصرون انه مموه كالسحر قل امرهم الى الله فانه يعلم قول اهل السماء سماء القلوب وقول اهل الارض النفوس وهو السميع لاقوال اهل القلوب واقوال اهل النفوس وانكارهم العليم بما فى ضمائرهم وبافعالهم واوصافهم واوصاف سرائرهم بل قالوا كلام المحققين خيالات فاسدة وقال بعض المنكرين بل اختلقه من نفسه وادى انه من مواهب الحق وقال بعضهم بل هو شاعر اى يقول ما يقول بحذاقة النفس وقوة الطبع والذكاء ثم قال بعضهم لبعض فليأتنا هذا المحق بكرامة ظاهرة كما اتى بها المشايخ المتقدمون ثم قال ما آمنت قبلهم من اهل قرية من المنكرين لما رأوا كرامات اولياء الله فاهلكناهم بالخذلان والابعاد أفهم يصدقون اربابا الحقائق ان رأوا كرامة منهم وهم طبعوا على الانكار مثل المنكرين الهالكين وفى المثنوى

السابقالتالي
2