الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ قال لقد كنتم انتم وآباؤكم فى ضلال مبين } اى وبالله لقد كنتم انتم ايها المقلدون وآباؤكم الذين سنوا لكم هذه السنة الباطلة مستقرين فى ضلال عظيم وخطأ ظاهر لكل احد لعدم استناده الى دليل ما والتقليد انما يجوز فيما يحتمل الحقية فى الجملة والباطل لا يصير حقا بكثرة القائلين به وفيه اشارة الى ان التقليد غالب على الخلق كافة فى عبادة الهوى والدنيا الا من آتاه الله رشده. واعلم ان التقليد قبول قول الغير بلا وهو جائز فى الفروع والعمليات صحيح عند الحنفية والظاهرية وهو الذى اعتقد جميع ما وجب عليه من حدوث العالم ووجود الصانع وصفاته وارسال الرسل وما جاؤوا به حقا من غير دليل لان النبى عليه السلم قبل ايمان الاعراب والصبيان والنسوان والعبيد والماء من غير تعليم الدليل ولكنه يأثم بترك النظر والاستدلال لوجوبه عليه. وفى فصل الخطاب من نشأ فى بلاد المسلمين وسبح الله عند رؤية صنائعه فهو خارج عن حد التقليد اى فان تسبيحه عند رؤية المصنوعات عين الاستدلال فكأنه يقول الله خالق هذا على هذا النمط البديع ولا يقدر احد غيره على خلق مثل هذا فهو استدلال بالاثر واثبات للقدرة والارادة الى غير ذلك فالمقصود من الاستدلال هو الانتقال من الاثر الى المؤثر ومن المصنوع الى الصانع بأى وجه كان لا ملاحظة الصغرى والكبرى وترتيب المقدمات للانتاج على قاعدة المعقول. يقول الفقير ادى جهل هذا الزمان الى حيث ان من سبح عند كل اعجوبة لم يلزم ان يكون مستدلا مطلقا لانه سمع الناس يقولون سبحان الله عند رؤية سيل عظيم او شجر كبير او حريق هائل او نحوها مما خرج عن حد جنسه فيقلدهم فى ذلك من غير ان يخطر بباله انه صنع الله تعالى وقد رأيت ملاحا ذميا يحث خدام السفينة على بعض الاعمال ويقول لهم اجتهدوا وكونوا من اهل الغيرة فان الغيرة من الايمان وهو لا يعرف ما الغيرة وما الايمان وكذا الخدام والالم يذكرهما فهو قول مجرد جار على طريق العرف فعلى المؤمن ترك التقليد والوصول الى مقام التحقيق ومن الله التوفيق قال المولى الجامى
خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى بى بر بى مقلد كم كرده ره مرو   
وقال
مقلدان جه شناسند داغ هجرانرا خبر زشعله آتش ندارد افسرده   
ففيه فرق بين المقلد والمحقق فمن رام التحقيق طلبه ولا يتشبث فى هذا البحر بغريقه كما لا يخفى.