الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ }

{ وهذا } اى القرآن الكريم اشير اليه بهذا ايذانا بغاية وضوح امره { ذكر } يتذكر به من يتذكر { مبارك } كثير الخير ولنفع يتبرك به { انزلناه } على محمد صفة ثانية لذكر او خبر آخر { أفانتم له منكرون } انكار لانكارهم بعد ظهور كون انزاله كايتاء التوراة كأنه قيل أبعد ان علمتم ان شأنه كشأن التوراة فى الايتاء والايحاء انتم منكرون لكونه منزلا من عندنا فان ذلك بعد ملاحظة حال التوراة مما لا مساغ له اصلا. قال بعض الكبار كلام الله سبحانه فى نفسه مبارك وان لم يسمع الجاهل ولكن مبارك على من يسمعه باستماع المحبة والشوق الى لقاء المتكلم ويعمل بمضمونه ويعرف اشارته ويجد حلاوته فى قلبه فاذا كان كذلك تبلغه بركته الى مشاهدة معدنه وهو رؤية الذات القديم وفى الحديث " ان الذى ليس فى جوفه شئ من القرآن كالبيت الخراب " وفى الحديث " لا تجعلوا بيوتكم مقابر " يعنى لا تتكروا بيوتكم خالية من تلاوة القرآن فان كل بيت لا يقرأ القرآن فيه يشبه المقابر فى عدم القراءة والذكر والطاعة والى الله المشتكى من اهمال اهالى هذا الزمان فان ميل اكثرهم الى الاشعار وكلام اهل الهوى لا الى القرآن والهدى قال الخجندى
دل ازشنيدن قرآن بكيردت همه وقت دو باطلان زكلام حقت ملولى جيست   
وفى التأويلات النجمية النور الذى هو يفرق بين الحق والباطل بل بين الخلق والخالق والحدوث والقدم نور يقذفه الله فى قلوب عباده المخلصين من الانبياء والمرسلين والاولياء الكاملين لا يحصل الا بتكرار العلوم الشرعية لا بالافكار العقلية وله ضياء وهو ذكر يتعظ به المتقون الذين يتقون عن الشرك بالتوحيد وعن الطمع بالشرع وعن الرياء بالاخلاص وعن الخلق بالخالق وعن الاناينة بالهوية { وهذا ذكر مبارك } لمن لم يتعظ به ويعلم ان الاتعاظ به انما هو من نور { انزلناه } فى قلبه لا من نتائج عقله وتفكره أتنكرون على انه نور من هدايتنا - حكى - ان عثمان الغازى جد السلاطين العثمانية انما وصل الى ما وصل برعاية كلام الله تعالى وذلك انه كان من اسخياء زمانه ببذل النعم للمترددين فثقل ذلك على اهل قريته وانكروا عليه فذهب ليشتكى من اهل القرية الى الحاجى بكتاش او غيره من الرجال فنزل ببيت رجل قد علق فيه مصحف فسأل عنه فقالوا هو كلام الله تعالى فقال ليس من الادب ان نقعد عن كلام الله فقام وعقد يديه مستقبلا اليه فلم يزل الى الصبح فلما اصبح ذهب الى طريقة فاستقبله رجل فقال انا مطلبك ثم قال له ان الله تعالى عظمك واعطاك وذريتك السلطنة بسبب تعظيمك لكلامه ثم امر بقطع شجرة وربط رأسها بمنديل وقال ليكن ذلك لواء ثم اجتمع عنده جماعة فجعل اول غزوته الى بلجك وفتح بعناية الله تعالى ثم اذن له السلطان علاء الدين فى الظاهر ايضا فصار سلطانا.

السابقالتالي
2