الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ }

{ ونضع الموازين القسط } الموازين جمع ميزان بالفارسية ترازو والقسط العدل اى نقيم الموازين العادلة التى نوزن بها صحائف الاعمال ونحضرها او الاعمال باعتبار التجوهر والتجسم وجمع الموازين باعتبار تعدد الاعمال او لان لكل شخص ميزانا. قال الراغب الوزن معرفة قدر الشئ وذكر الميزان فى مواضع بلفظ الواحد اعبتارا بالمحاسبة وفى مواضع بلفظ الجمع اعتبارا بالمحاسبين انتهى. وافراد القسط لانه مصدر وصف به مبالغة كرجل عدل. قال الامام وصف الموازين بالقسط لانها قد لا تكون مستقيمة { ليوم القيامة } اى لاجل جزائه { فلا تظلم نفس } من النفوس { شيئا } حقا من حقوقها على ان يكون مفعولا ثانيا لتظلم لانه بمعنى تنقص وتنقص يتعدى الى مفعولين يقال نقصه حقه من الظلم بل يوفى كل ذى حق حقه ان خيرا فخيرا وان شرا فشر على ان يكون مفعولا مطلقا { وان كان } اى العمل المدلول عليه بوضع الموازين { مثقال حبة من خردل } المثقال ما يوزن به من الثقل اى مقدار حبة كائنة من خردل بالفارسية ازسبندان كه اصغر حباتست اى وان كان فى غاية القلة والحقارة فان حبة الخردل مثل فى الصغر { اتينا بها } بقصر الهمزة من الاتيان والباء للتعدية اى احضرنا ذلك العمل المعبر عنه بمثقال حبة الخردل للوزن والتأنيث لاضافته الى الحبة { وكفى بنا حاسبين } اذ لا مزيد على علمنا وعدلنا الباء زائدة ونا فاعل كفى وحاسبين حال منه بمعنى عادّين من حسب المال اذا عده. وقال ابن عباس رضى الله عنهما عالمين حافظين لان من حسب شيئا علمه وحفظه وفيه تحذير فان المحاسب العالم القادر الذى لا يفوته شئ يجب ان يخاف منه وروئ الشبلى قدس سره فى المنام فقيل ما فعل الله بك فقال
حاسبونا فدققوا ثم منوا فاعتقوا   
قال الامام الغزالى رحمه الله الميزان حق ووجهه ان الله تعالى يحدث فى صحائف الاعمال وزنا بحسب درجات الاعمال عند الله فتصير مقادير اعمال العباد معلومة للعباد حتى يظهر لهم العدل فى العقاب او الفضل فى العفو وتضعيف الثواب. يقول الفقير بهذا يندفع سؤال الامام فى تفسيره حيث قال اهل القيامة ان علموا كونه تعالى عادلا فلا حاجة الى وضع الميزان بل يكفى مجرد حكمه بترجيح جانب وان لم يعلموا لم يقد وزن الصحائف لاحتمال انه جعل احدى الكفتين اثقل ظلما انتهى وذلك لانهم علموا ذلك ضروريا لان الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا لكن الله تعالى اراد ان يحصل لهم العلم بمقادر اعمالهم ليظهر العدل والفضل ظهورا لا غاية وراءه وفيه الزام الحجة لهم. قيل للميزان لسان وكفتان وهو بيد جبريل يوزن فيه الحسنات والسيآت فى احسن صورة واقبحها والحكم للغالب فى الوزن وفى التساوى لفضل الله.

السابقالتالي
2 3 4