الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ خُلِقَ ٱلإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ }

{ خلق الانسان } اى جنسه { من عجل } العجلة طلب الشئ وتحريه قبل اوانه وهو من مقتضى الشهوة فلذلك صارت مذمومة حتى قيل العجلة من الشيطان جعل الانسان لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق منه كما يقال خلق زيد من الكرم تنزيلا لما طبع عليه من الاخلاق منزلة ما طبع منه من الاركان ايذانا بغاية لزومه وعدم انفكاكه عنه ومن عجلته مبادرته الى الكفر واستعجاله بالوعيد قال النضر بن الحارث اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم وعن ابن عباس رضى الله عنهما ان المراد بالانسان آدم وانه حين بلغ الروح صدره اراد ان يقوم اى استعجل فى القيام قبل ان يبلغ الروح اسفله { سأوريكم } ايها المستعجلون { آياتى } نشانهاى قدرت خود دردنيا بواسطه واقعه بدر ودر آخرت عذاب دوزخ { فلا تستعجلون } بالاتيان بها وبالفارسية بس شتاب مكنيد مر جواستن آن والنهى عما جبلت عليه نفوسهم ليقمعوها عن مرادها فان لهم الارادة والاختيار فطبعهم على العجل لا ينافى النهى كما قال تعالىواحضرت الانفس الشح } فخلق فى الانسان الشح وامر بالانفاق وخلق فيه الضعف وامر بالجهاد وخلق فيه الشهوة وامر بمخالفتها فهذا ليس من قبيل تكاليف ما لا يطاق. وفى التأويلات النجمية فيه اشارة الى معان. ومنها انتم تستعجلون فى طلب العذاب من جهلكم وضلالكم وذلك لانكم تؤذون حبيبى ونبيى بطريق الاستهزاء والعداوة من عادى لى وليا فقد بارزنى فى الحرب فقد استعجل فى طلب العذاب لانى اغضب لاوليائى كما يغضب الليث ذو الجرو لجروه فكيف بمن يعادى حبيبى ونبيى عليه السلام ويدل على صح ةهذا التأويل قوله { سأوريكم آياتى } اى عذابى { فلا تستعجلون } فى طلبه بطريق ايذاء نبيى والاستهزاء به. ومنها ان الروح الانسانى خلق من عجل لانه اول شئ تعلقت به القدرة. ومنها ان الله تعالى خلق السموات والارض وما بينهما فى ستة ايام وخمر طينة آدم بيده اربعين صباحا وقد روى ان كل يوم من ايام التخمير كان مقداره الف سنة مما تعدون فتكون اربعين الف سنة فالمعنى ان الاسنان مع هذا خلق من عجل بالنسبة الى خلق السموات والارض فى ستة ايام لما خلق فيه عند تخمير طينته من انموذجات ما فى السماوات والارض وما بينهما واستعداده لقبوله سر الخلافة المختصة به وقابليته تجلى ذواته وصفاته وللمرآتية التى تكون مظهره للكنز الخفى الى خلق الخلق لاظهاره ومعرفته لاستعداد حمل الامانة التى عرضت على السماوات والارض والجبال واهاليها فابين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان وتمام الآية يدل على هذا المعنى وهو قوله { سأريكم آياتى فلا تستعجلون } اى سأريكم صفات كمالى فى مظاهر الآفاق ومرآة انفسكم بالتربية فى كل قرن بواسطة نبى او ولى فلا تستعجلون فى طلب هذا المقام من انفسكم فانه قيل حد طلبه من المهد الى اللحد بل اقول من الازل الى الابد وهذا منطق الطير لا يعلمه الا سليمان الوقت قال تعالى

السابقالتالي
2