الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلْلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

{ وهو } وحده { الذى خلق الليل } الذى هو ظل الارض { والنهار } الذى هو ضوء الشمس { والشمس } الذى هو كوكب مضيئ نهارى { والقمر } الذى هو كوكب مضئ ليلى اى الله تعالى اوجد هذه الاشياء واخرجها من العدم الى الوجود دون غيره فله القدرة الكاملة والحكمة الباهرة { كل } اى كل واحد من الشمس والقمر وهو مبتدأ خبره قوله { فى فلك } على حدة كما يشهده وقوله { يسبحون } حال اى يجرون فى سطح الفلك كالسبح فى الماء فان السبح المرّ السريع فى الماء او فى الهواء واستعير لمر النجوم فى الفلك كما فى المفردات ويفهم منه ان الكواكب مرتكزة فى الافلاك ارتكاز فص الخاتم. فى الخاتم قال فى شرح التقويم كل واحد من الكواكب مركوز فى فلك مغرق فيه كالكرة المنغمسة فى الماء لا كالمسك فيه والافلاك متحركة بالارادة والكواكب بالعرض. وقال بعضهم اخذا بظاهر الآية ان الفلك موج مكفوف من السيلان دون السماء تجرى فيه الشمس والقمر كما تسبح السمكة فى الماء والفلك جسم شفاف محيط بالعالم. قال الراغب الفلك مجرى الكواكب وتسميته بذنب لكونه كالفلك. وقال محيى السنة الفلك فى كلام العرب كل شئ مستدير جمعه افلاك ومنه فلكه المغزل. قال ابن الشيخ اختلف الناس فى حركات الكواكب والوجوه الممكنة فيها ثلاثة فانه اما ان يكون الفلك ساكنا والكواكب تتحرك فيه كحركة السابح فى الماء الراكد واما ان يكون الفلك متحركا والكواكب تتحرك فيه ايضا مخالفة لجهة حركته او موافقة لها مساوية لحركته فى السرعة والبطيء اولا واما ان يكون الفلك متحركا ساكنة. قال الفلاسفة الرأى الاول باطل لانه يوجب خرق الفلك وهو محال وكذا الرأى الثانى فانه ايضا باطل لانه يوجب خرق الفلك وهو محال وكذا الرأى الثانى فانه ايضا باطل لعين ما ذكر فلم يبق الا الاحتمال الثالث وهو ان تكون الكواكب مغروزة فى الفلك واقفة فيه والفلك يتحرك فتتحرك الكواكب تبعا لحركة الفلك. قال الامام واعلم ان مدار هذا الكلام على امتناع الحرق على الافلاك وهو باطل بل الحق ان الاحتمالات الثلاثة كلها ممكنة والله تعالى قادر على كل الممكنات والذى يدل عليه لفظ القرآن ان تكون الافلاك واقفة والكواكب تكون جارية فيها كما تسبيح السمكة فى الماء. واعلم انه لو خلق السماء ولم يخلق الشمس والقمر ليظهر بهما الليل والنهار وسائر المنافع بتعاقب الحر والبرد لم يتكامل نعمه على عباده وانما تتكامل بحركاتها فى افلاكها ولهذا { قال كل فى فلك يسبحون }. واحتج ابو على بن سينا على كون الكواكب احياء ناطقة بقوله { يسبحون } وبقولهانى رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لى ساجدين }

السابقالتالي
2