الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ }

{ أولم ير الذين كفروا } الهمزة لانكار نفى الرؤية وانكار النفى نفى له ونفى النفى اثبات والواو للعطف على مقدر والرؤية قلبية لا بصرية حتى لا يناقض قوله تعالىما اشهدتهم خلق السموات والارض } والمعنى ألم يتفكروا او ألم يستفسروا من العلماء او ألم يطالعوا الكتب او ألم يسمعوا الوحى ولم يعلموا { ان السموات والارض كانتا } ثنى الضمير الراجع الى الجمع باعتبار ان المرجع اليه جماعتان { رتقا } على حذف المضاف اى ذواتى رتق بمعنى ملتزقتين ومنضمتين لافضاء بينهما ولا فرج فان الرتق هو الضم والالتحام خلقة كان او صنعه { ففتقناهما } الفتق الفصل بين المتصلين وهو ضد الرتق اى ففصلنا وفرقنا احداهما عن الاخرى بالريح وفى الحديث المشهور " اول ما خلق الله جوهرة فنظر اليها بنظر الهيبة فذابت وارتعدت من خوف ربها فصارت ماء ثم نظر اليها نظر الرحمة فجمد نصفها فخلق منه العرش وارتعد العرش فكتب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله فسكن العرش فترى الماء يرتعد الى يوم القيامة " وذلك قوله تعالىوكان عرشه على الماء } اى العذب ثم حصل من تلاطم الماء ادخنة متراكمة بعضها على بعض وزبد فخلق منها السموات والارض طباقا وكانتا رتقا وخلق الريح فيها ففتق بين طباق السماوات وطباق الارض كما اخبر بقولهثم استوى الى السماء وهى دخان } وانما خلقها من دخان ولم يخلقها من بخار لان الدخان خلق متماسك الاجزاء يستقر عند منتهاه والبخار يتراجع وذلك من كمال علمه وحكمته ثم بعد ذلك مد الزبد على وجه الماء ودحاه فصار ارضا بقدرته وذلك قوله تعالىوالارض بعد ذلك دحاها } وكفته اند آسمان بسته بود ازوى باران نمى آمد وزمين بستة بود ازو كياه نمى رست ما آن را بباران واين را بكياه كشاديم يعنى فتق السماء وهى اشد الاشياء واصلبها بألين الاشياء وهو الماء وكذلك فتق الارض بألين الاشياء وهو النبات مع شدتها وصلابتها. فان قيل المفتوقة بالمطرهى سماء الدنيا فما معنى الجمع. قلنا جمع السموات لان لها مدخلا فى الامطار اذا لتأثير انما يحصل من جهة العلو. واعلم ان الفتق صفة الله تعالى كالعلم والقدرة وغيرهما فهو ازلى والمفتوق حادث بحدوث التعلق كما فى العلم وغيره من الصفات التى لا يلزم من قدمها قدم متعلقاتها فتكون تعلقاتها حادثة. فقول البيضاوى ان الفتق عارضا خطأ كما فى بحر العلوم { وجعلنا } خلقنا { من الماء } الماء جسم سيال قد احاط حول الارض { كل شئ حى } اى كل حيوان عرف الماء باللام قصدا الى الجنس اى جعلنا مبدأ كل شئ حى من هذا الجنس اى جنس الماء وهو النطفة كما فى قوله تعالى

السابقالتالي
2