الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِيۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ }

{ وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحى اليه انه } اى الشأن { لا اله الا انا فاعبدون } اى وحدونى ولا تشركوا بى. وفيها اشارة الى ان الحكمة فى بعثة جميع الانبياء والرسل مقصورة على هاتين المصلحتين وهما اثبات وحدانية الله تعالى وتعبده بالاخلاص لتكون فائدة تينك المصلحتين راجعة الى العباد لا الى الله تعالى كما قال خلقت الخلق ليربحوا علىّ لا لأربح عليهم وفى المثنوى
جون خلقت الخلق كى يربح على لطف توفرمود اى قيوم وحى لا لأن اربح عليهم جودتست كه شود زوجمله ناقصها درست عفوكن زين ناقصان تن برست عفو ازدرياى عفو او ليترست   
واكبر فائدتهما معرفة الله تعالى كما قال تعالىوما خلقت الجن والانس الا ليعبدون } اى ليعرفون وهى مختصة بالانسان دون سائر المخلوقات فانها هى حقيقة الامانة التى قال تعالىانا عرضنا الامانة على السماوات والارض } الآية. يقول الفقير العبادة طريق المعرفة وهى طريق الرؤية فالرؤية اعلى من المعرفة لان العارفين مشتاقون الى منازل اهل الوصال والواصلون لا يشتاقون الى منازل اهل المعرفة والمعرفة يتولد منها التعب والعناء والرؤية يتولد منها السرور والرضى. قال بعض العارفين المعرفة الطف والرؤية اشرف والمعرفة اشد والرؤية اكد فعلى السالك ان يجتهد فى تحقيق المعرفة والتوحيد ويصل الى رؤية الحميد المجيد. والتوحيد على ثلاث مراتب توحيد اهل البداية وهو لا اله الا هو وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الاجسام. وتوحيد اهل التوسط وهو لا اله الا انت وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الارواح. وتوحيد اهل النهاية وهو لا اله الا انا وسير اهل هذا التوحيد فى عالم الحقيقة والى هذه المرتبة اشار الشيخ المغربى قدس سره بقوله
نور هستى جمله ذرات عالم تا ابد ميكننداز مغربى جون ماه ازمهر اقتباس   
ومن لطائف الكمال الخجندى قوله
طاس بازى بديدم از بغداد جون جنيد ازسلوكش آكاهى رفت درجبه وقت بازى كفت ليس فى جبتى سوى اللهى   
ثم ان فى الآية اشارة الى ان اكثر الخلق من يدعون الاسلام والتوحيد ولا يميزون الحق من الباطل فيتبعون اهل الشرك والرياء والبدع والهوى والدنيا ولذا قلت عبادتهم بالاخلاص بل انتفى رعاية الشريعة بينهم ولو كان لهم استعداد وجدان الحق لوجدوا اهله اولا ووصلوا بتسليكهم على قدمى الشريعة والطريقة الى المعرفة والحقيقة فانما حرموا الوصول بتضييعهم الاصول ومن الله الهداية والتوفيق ومنه الوصول الى مقام الصدق والتحقيق.