الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ ٱلرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } * { قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً }

{ قال } السامرى مجيبا لموسى عليه السلام { بصرت بما لم يبصروا به }. قال فى القاموس بصربه ككرم وفرح بصرا وبصارة ويكسر صار مبصرا. وفى المفردات قلما يقال بصرت فى الحاسة اذا لم تضامه رؤية القلب. والمعنى رأيت مالم يره القوم وقد كان رأى ان جبريل جاء راكب فرس وكان كلما وضع الفرس يديه او رجليه على الطريق اليبس يخرج من تحته النبات فى الحال فعرف ان له شأنا فاخذ من موطئه حفنة. وفى الكبير رآه يوم فلق البحر حين تقدم خيل فرعون راكبا على رمكة ودخل البحر. وفى غيره حين ذهب به الى الطور. وفى الجلالين قال موسى وما ذلك قال رأيت جبرائيل على فرس الحياة فالقى فى نفسى ان اقبض من اثرها فما القيته على شئ الا صار له روح ولحم ودم فحين رأيت قومك سألوك ان تجعل لهم الها زينت لى نفسى ذلك فذلك قوله تعالى { فقبضت قبضة من اثر الرسول } اى من تربة موطئ فرس الملك الذى ارسل اليك والمراد فرس الحياة لجبريل ولم يقل جبريل او روح القدس لانه لم يعرف انه جبريل والقبضة المرة من القبض وهو الاخذ بجميع الكف اطلقت علىالمقبوض مرة { فنبذتها } النبذ القاء الشئ وطرحه لقلة الاعتداد به اى طرحتها فى الحلى المذابة او فى فم العجل فكان ما كان. وفى العرائس قبض السامرى من اثر فرسه قبضة لانه سمع من موسى تأثير القدسيين فى اشباح الاكوان فنثرها على العجل الذهبى فجعل الحق لها اكسيرا من نورفعله ولذا حيى. وفى التأويلات النجمية { بصرت } يعنى خصص بكرامة فيما رأيت من اثر فرس جبريل والهمت بان له شانا ما خص به احد منكم { فقبضت قبضة من اثر الرسول فنبذتها } يشير بهذا المعنى الى ان الكرامة لاهل الكرامة كرامة ولاهل الغرامة فتنة واستدراج. والفرق بين الفريقين ان اهل الكرامة يصرفونها فى الحق والحقيقة واهل الغرامة يصرفونها فى الباطل والطبيعة كما ان الله تعالى انطق السامرى بنيته الفاسدة الباطلة بقوله { وكذلك سولت لى نفسى } اى بشقاوتى ومحنتى والتسويل تزيين النفس لما تحرص عليه وتصوير القبيح منها بصورته الحسن واصل التركيب سولت لى نفسى تسويلا كائنا مثل ذلك التسويل على ان يكون مثلى صفة مصدر محذوف وذلك اشارة الى مصدر الفعل المذكور بعد فقدّم على الفعل لافادة القصر واعتبرت الكاف مقحمة لافادة تأكيد ما افادة اسم الاشارة من الفخامة فصار مصدرا مؤكدا لا صفة اى ذلك التزيين البديع زينت لى نفسى ما فعلته من القبض والنبذ لا تزيينا ادنى ولذلك فعلته وحاصل جوابه ان ما فعله انما صدر عنه بمحض اتباع هوى النفس الامارة بالسوء وغوائها لا بشئ آخر من البرهان العقلى والالهام الالهى.

السابقالتالي
2 3