الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي }

{ لقد قال لهم هارون من قبل } اى وبالله لقد نصح لهم هارون ونبههم على كنه الامر من قبل رجوع موسى اليهم وخطابه اياهم بما ذكر من المقالات { يا قوم } اى كروه من { انما فتنتم به } اى اوقعتم فى الفتنة بالعجل واضللتم به على توجيه القصر المستفاد من كلمة انما الى نفس الفعل بالقياس الى مقابله الذى يدعيه القوم لا الى قيده المذكور بالقياس الى قيد آخر على معنى انما فعل بكم الفتنة لا الارشاد الى الحق لا على معنى انما فتنتم بالعجل لا بغيره { وان ربكم } المستحق للعبادة هو { الرحمن } المنعم بجميع النعم لا العجل وانما ذكر الرحمن تنبيها على انهم غن تابوا قبل توبتهم واذا كان الامر كذلك { فاتبعونى } فى الثبات على الدين { واطيعوا امرى } هذا واتركوا عبادة ما عرفتم شأنه وما احسن هذا الوعظ فانه زجرهم عن الباطل بقوله { انما فتنتم به } وازال الشبهات اولا وهو كاماطة الاذى عن الطريق ثم دعاهم الى معرفة الله بقوله { وان ربكم الرحمن } فانها الاصل ثم الى معرفة النبوة بقوله { فاتبعونى } ثم الى الشرائع فقال { واطيعوا امرى } وفى هذا الوعظ شفقة على نفسه وعلى الخلق اما على نفسه فانه كان مأمورا من عند الله بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر ومن عند اخيه بقوله { اخلفنى فى قومى واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين } فلو لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر لخالف امر الله وامر موسى وانه لا يجوز. اوحى الله الى يوشع انى مهلك من قومك اربعين الفا من خيارهم وستين الفا من شرارهم فقال يا رب هؤلاء الاشرار فما بال الاخيار قال انهم لم يغضبوا لغضبى وفى الحديث " مثل الؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " قال الشيخ سعدى قدس سره
بنى آدم اعضاى يكديكرند كه در آفرينش ريك كوهرند جو عضوى بدرد آوردروزكار دكر عضوهارا نماند قرار توكز محنت ديكران بى غمى نشايد كه نامت نهند آيمى   
ثم ان هارون رأى المتهافتين على النار فلم يبال بكثرتهم ولانفرتهم بل صرح بالحق
بكوى آنجه دانى سخن سودمند وكر هيج كس را نيايد بسند كه فردا بشيمان برآرد خروش كه آوخ جرا حق نكردم بكوش   
وههنا دقيقة وهى ان الرافضة تمسكوا بقوله عليه السلام " انت منى بمنزلة هارون من موسى " ثم ان هارون ما منعه التقية فى مثل هذا الجمع العظيم بل صعد المنبر وصرح بالحق ودعا الناس الى متابعة نفسه والمنع من متابعة غيره فلو كانت امة محمد على الخطأ لكان يجب ان يفعل مثل ما فعل هارون وان يصعد المنبر من غير تقية وخوف ويقول فاتبعونى واطيعوا امرى فلما لم يقل كذلك علمنا ان الامة كانوا على الصواب وقد ثبت ان علينا احراق الزنادقة الذين قالوا بآلهيته لما كانوا على الباطل.