الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ }

{ واضل فرعون قومه } اى سلك بهم مسلكا ادّاهم الى الخيبة والخسران فى الدين والدنيا معا حيث ما توا على الكفر بالعذب الهائل الدنيوى المتصل بالعذاب الخالد الاخروى { وما هدى } اى ما ارشدهم قط الى طريق موصل الى مطلب من المطالب الدينية والدنيوية وهو تقرير لاضلاله وتأكيد له اذ رب مضل قد يرشد من يضله الى بعض مطالبه. وفيه نوع تهكم فى قوله { وما اهديكم الا سبيل الرشاد } فان نفى الهداية من شخص مشعر بكونه ممن تتصور منه الهداية فى الجملة وذلك انما يتصور فى حقه بطريق التهكم. يقول الفقير موسى مع قومه اشارة الى الروح القدسى مع قواه وفرعون مع قومه اشارة الى النفس الامارة مع قواها والبحر هو بحر الدنيا فموسى الروح يعبره اما بسفينة الشريعة او بنور الكشف الالهى ويغرق فرعون النفس لانها تابعة لهواها لا شريعة لها ولا كشف فعلم منه ان اتباع اهل الضلال انفسا وآفاقا يؤدى الى الهلاك الصورى والمعنوى واقتداء اهل الهدى يفضى الى النجاة الابدية.
زينهاراز قرين بد زنهار وقنا ربنا عذاب النار   
واحسن وجوه الاتباع الايمان والتوحيد لان جميع الانبياء متفقون على ذلك والمؤمن فى حصن حفظه الله تعالى من الاعداء الظاهرة والباطنة فى الدنيا والآخرة – حكى – عن عبد الله بن الثقفى ان الحجاج احضر انس بن مالك وقال له اريد ان اقتلك شر قتله فقال انس لو علمت ان ذلك بيدك لعبدتك من دون الله تعالى قال الحجاج ولم ذلك قال لان رسول الله عليه السلام علمنى دعاء وقال " من دعا به فى كل صباح لم يكن لاحد عليه سبيل " وقد دعوت به فى صباحى فقال الحجاج علمنيه قال معاذ الله ان اعلمه لاحد وانت حى فقال خلوا سبيله فقيل له فى ذلك فقال رأيت على عاتقيه اسدين عظيمين فاتحين افواههما ولما حضرته الوفاة قال لخادمه ان لك على حقا اى حق الخدمة فعلمه الدعاء المذكور وقال له قل " بسم الله خير الاسماء بسم الله الذى لا يضر مع اسمه شئ فى الارض ولا فى السماء " ثم ان هذا فى الدنيا واما فى الآخرة فيحفظه من النار والعذاب. واعلم ان موسى نصح فرعون ولكن لم ينجعه الوعظ فلم يدر قدره ولم يقبل فوصل من طريق الرد والعناد الى الغرق والهلاك نعوذ بالله رب العباد. فعلى العاقل ان يستمع الى الناصح قال الحافظ
امروز قدر بند عزيزان شناختم يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد   
قوله امروز يريد به وقت الشيخوخة وفيه اشارة الى ان وقت الشباب ليس كوقت الكهولة ولذا ترى اكثر الشباب منكبين على سماع الملاهى معرضين عن الناصح الالهى فمن هداه الله تعالى رجع الى نفسه ودعا لناصحه لانه ينصح حروفه بالفارسية ميدوزد دريدهاى او ولا بد للسالك من مرشد ومجاهدة ورياضة فان مجرد وجود المرشد لا ينفعه ما دام لم يسترشد ألا ترى ان فرعون عرف حقية موسى وما جاء به لكنه ابى عن سلوك طريقه فلم ينتفع به فالاول الاعتقاد ثم الاقرار ثم الاجتهاد وقد قال بعضهم ان السفينة لا تجرى على اليبس والنفس تجر الى الدعة والبطالة وقد قال تعالى

السابقالتالي
2