الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ }

{ ان اقذفيه فى التابوت } ان مفسرة بمعنى اى لان الوحى من باب القول اى قلنا لها اقذفيه ومعنى القذف هها الوضع وفى قوله { فاقذفيه فى اليم } الالقاء وليس المراد القذف بلا تابوت واليم نيل مصر فى قول جميع المفسرين فان اليم يقع على البحر والنهرالعظيم. فان قيل ما الحكمة بالقاء موسى فى اليم دون غيره فيه. قلنا له جوابان بلسان الحكمة والمعرفة قيل بلسان الحكمة ان المنجمين اذا القى شئ فى الماء يخفى عليهم امره فاراد الله ان يخفى حال موسى على المنجمين حتى لا يخبروا به فرعون وقيل بلسان الحال القيه فى التلف لانجيه بالتلف من التلف قيل لها بلسان الحال سلميه الىّ صبيا اسلمه اليك نبيا وقيل انجاه من البحر فى الابتداء كذلك انجاه من البحر فى الانتهاء باغراق فرعون بالماء. وقال بعض ارباب المعارف التابوت اشارة الى ناسوت موسى عليه السلام اى صورته الانسانية واليم اشارة الى ما حصل له من العلم بواسطة هذا الجسم العنصرى فلما حصلت النفس فى هذا الجسم وامرت بالتصرف فيه وتدبيره جعل الله لهم هذا القوى آلات يتوصل بها الى ما اراده الله منها فى تدبير هذا التابوت فرمى فى اليم ليحصل له بهذا القوى من فنون العلم تكميل استعداده بذلك الامر من النفس الكلية التى هى امه المعنوية وابوه الروح الكلى فكل ولد منها يأخذ استعداده بحسب القابلية فكمل لموسى الاستعداد الاصلى بذلك الالقاء من توجه النفس الكلية له وقال المولى الجامى قدس سره
ديدم رخت آفتاب عالم ايسنت در طور وجود نور اعظم ايسنت افتاد دلم اسير ثابوت بدن دربحر غمت القى فى اليم ايسنت   
{ فليلقه اليم بالساحل } لما كان القاء البحر اياه بالساحل امرا واجب الوقوع لتعلق الارادة الربانية به جعل البحر كأنه ذو تمييز مطيع امر بذلك واخرج الجواب مخرج الامر فصورته امر ومعناه خبر والضمائر كلها لموسى والمقذوف فى البحر والملقى بالساحل وان كان التابوت اصالة لكن لما كان المقصود بالذات ما فيه جعل التابوت تبعا له فى ذلك. والساحل فاعل بمعنى مفعول من السحل لانه يسحل الماء اى يقشره ويسلخه وينزع عنه ما هو بمنزلة القشر على ظاهره يقال قشرت العود نزعت عنه قشره { يأخذه عدو لى وعدو له } بالجزم جواب للامر بالالقاء وتكرير عدو للمبالغة اى دعيه حتى يأخذه العدو فانى قادر على تربية الولى فى حجر العدو ووقايته من شره بالقاء محبة منه عليه. فان قيل كيف يجوز ان يكون مثل فرعون له رتبة معاداته تعالى حتى سمى عدو الله. قلنا معناه يأخذه مخالف لا مرى كالعدو كذا فى الاسئلة المقحمة.

السابقالتالي
2