الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ }

{ قال } الله تعالى { قد اوتيت سؤلك يا موسى } مسئولك ومطلوبك فعل بمعنى مفعول كالخبز بمعنى المخبوز والايتاء عبارة عن تعلق ارادته تعالى بوقوع تلك المطالب وحصولها له. قال داود القيصرى قد سره ومن جملة كمالات الاقطاب ومنن الله عليهم ان لا يبتليهم بصحبة الجهلاء بل يرزقهم صحبة العلماء الادباء الامناء يحملون عنهم اثقالهم وينفذون احكامهم واقوالهم انتهى وذلك كما كان آصف بن برخيا وزيرا لسليمان عليه السلام الذى كانت قطب وقته ومتصرفا وخليفة على العالم فظهر عنه ما ظهر من اتيان عرش بلقيس كما حكاه الله تعالى فى القرآن. وكان انوشروان يقول لا يستغنى اجود السيوف عن الصقيل ولا اكرم الدواب عن السوط ولا اعلم الملوك عن الوزير وفى الحديث " اذا اراد الله بملك خيرا قيض له وزيرا صالحا ان نسى ذكره وان نوى خيرا اعانه وان نوى شرا كفه " وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وزراء كما قال " ان لى وزيرين فى الارض ابا بكر وعمر ووزيرين فى السماء جبريل واسرافيل " فكان من فى السماء يمده عليه السلام من جهة الروحانية ومن فى الارض من جهة الجسمانية قال الله تعالىهو الذى ايدك بنصره وبالمؤمنين } فنصر الله سماوى ونصر المؤمنين ارضى وبالكل يحصل الامداد مطلقا وفى الحديث " اذا تحيرتم فى الامور فاستيعنوا من اهل القبور " ذكره الكاشفى فى الرسالة العلية وابن الكمال فى شرح الاربعين حديثا والمراد من اهل القبور الروحانيون سواء كانوا فى الاجساد الكثيفة او اللطيفة فافهم. ثم ان العادل يرث من النبى عليه السلام هذه الوزارة واما الظالم فيجعل له وزير سوء وهو علامة غضب الله وانتقامه قال الشيخ سعدى قدس سره
بقومى كه نيكى بسندد خداى دهد خسروا عادل نيك راى جو خواهد كه ويران كند عالمى كند ملك در بنجه ظالمى   
وقال الحافظ
زمانه كرنه سر قلب داشتى كارش بدست آصف صاحب عيار بايستى   
ولما كان السلطان ظل الله فى الارض ظهر مظره الحقيقة الجامعة الالهية وهو القطب الذى هو مدار العالم فكما ان للقطب وزراء من العلماء الامناء كذلك لمن هو ظله وزراء من العادلين الادباء وهذه الوزراة ممتدة الى زمن المهدى ووزراؤه سبعة هم اصحاب الكهف يجيبهم الله فى آخر الزمان يختم بهم رتبة الوزراء المهدية ومنهم الوزراء السبعة للملوك العثمانية وهم الذين يسمون بوزراء القبة. واعلم ان موسى بطريق الاشارة سلطاننافى الآفاق وروحنا فى الانفس وهارون هو الوزير ايا من كان فى الآفاق والعقل فى الانفس وفرعون هو رئيس اهل الحرب من النصارى وغيرهم والنفوس الامارة بالسوء فاذا قارن الروح بالعقل الكامل المشير المدبر وهو عقل المعاند يغلب على النفس وقواها ويخلص حصن القلب من ايديها كما ان السلطان اذا اصطفى لوزارته رجلا صالحا عادلا يغلب ان شاء الله تعالى على الاعداء ويتصرف فى بلادهم وحصونهم وفى المثنوى

السابقالتالي
2