الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح البيان في تفسير القرآن/ اسماعيل حقي (ت 1127 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ }

{ فاكلا منها فبدت لهما سوآتهما } يقال بدا الشئ بدوا وبدّوا ظهر ظهورا بينا وكنى عن الفرج بالسوءة لانه يسوء الانسان انكشافه اى يغمه ويحزنه. قال الكاشفى يعنى لباس جنت ازايشان بريخت وبرهنه شدند. قال ابن عباس انهما عريا عن النور الذى كان الله البسهما اياه حتى بدت فروجهما. وقيل كان لباسهما الظفر فلما اصابا الخطيئة نزع عنهما وتركت هذه البقايا فى اطراف الاصابع. وقيل كان لباسهما الخلة. وعن ابى بن كعب رضى الله عنه قال قال عليه السلام " ان اباكم آدم كان رجلا طويلا كالنخلة السحوق كثير الشعر موارى العورة فلما واقع الخطيئة بدت سوءته فانطلق فى الجنة هاربا فمر بشجرة فاخذت بناصيته فاجلسته فناداه ربه أفارا منى يا آدم قال لا يا رب ولكن حياء منك " قال الحصيرى بدت لهما ولم تبد لغيرهما لئلا يعلم الاغيار من مكافاة الجناية ما علما ولو بدت للاغيار لقال بدت منهما { وطفقا } شرعا يقال طفق يفعل كذا اى اخذ وشرع ويستعمل فى الايجاب دون النفى لا يقال ما طفق { يخصفان عليهما من ورق الجنة } فى القاموس خصف النعل يخصفها خرزها والورق على بدنه الزقها واطبقها عليه ورقة ورقة اى يلزقان الورق على سوءاتهما للتستر وهو ورق التين قيل كان مدورا فصار على هذا الشكل من تحت اصابعهما { وعصى آدم ربه } باكل الشجرة يعنى خلاف كرد آدم امر بروردكار خودرا درخوردن درخت يقال عصى عصيانا اذا خرج عن الطاعة واصله ان يتمنع بعصاه كما فى المفردات { فغوى } ضل عن مطلوبه الذى هو الخلود او عن المأمور به وهو التباعد عن الشجرة فى ضمن ولا تقربا هذه الشجرة او عن الرشد حيث اغتر بقول العدولان الغى خلاف الرشد. واعلم ان المعصية فعل محرم وقع عن قصد اليه والزلة ليست بمعصية ممن صدرت عنه لانها اسم لفعل حرام غير مقصود فى نفسه للفاعل ولكن وقع عن فعل مباح قصده فاطلاق اسم المعصية على الزلة فى هذه الآية مجاز لان الانبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر والصغائر لا من الزلات عندنا وعند بعض الاشعرية لم يعصموا من الصغائر وذكر فى عصمة الانبياء ليس معنى الزلة انهم زلوا عن الحق الى الباطل ولكن معناها انهم زلوا عن الافضل الى الفاضل وانهم يعاتبون به لجلال قدرهم ومكانتهم من الله تعالى. قال ابن الشيخ فى حواشيه العصيان ترك الامر وارتكاب المنهى عنه وهو ان كان عمدا يسمى ذنبا وان كان خطأ يسمى زلة والآية دالة على انه عليه السلام صدرت عنه المعصية والمصنف سماها زلة حيث قال وفى النعى عليه بالعصيان والغواية مع صغر زلته تعظيم الزلة وزجر بليغ لأولاده عنها انتهى بناء على انه انما ترك الانتهاء عن اكل الشجرة اجتهادا لا بان تعمد المعصية ووجه الاجتهاد انه عليه السلام حمل النهى على التنزيه دون التحريم وحمل قوله تعالى

السابقالتالي
2